كتاب مجموعة الرسائل والمسائل النجدية (اسم الجزء: 2/ 3)
واتفق العلماء على أنه ليس أحد معصوما إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
[نهي الأئمة الأربعة عن تقليدهم]
وهؤلاء الأئمة الأربعة قد نهوا الناس عن تقليدهم في كل ما يقولون، فقال أبو حنيفة: "علمنا هذا رأي، وهو أحسن ما قدرنا عليه، ومن جاءنا بأحسن منه قبلناه منه".
وقال معن بن عيسى: سمعت مالكا يقول: "إنما أنا بشر أخطئ وأصيب، فانظروا في قولي، فكل ما خالف الكتاب والسنة فاتركوه".
وقال ابن القاسم: كان مالك يكثر أن يقول: {إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ} 1.
وقال الشافعي: "إذا صح الحديث فاضربوا بقولي الحائط، وإذا رأيت الحجة على الطريق فهي قولي".
والإمام أحمد كان يقول: "لا تقلدوني، ولا تقلدوا مالكا ولا الشافعي ولا الثوري، وتعلموا كما تعلمنا". وكان يقول: "من قلة علم الرجل أن يقلد دينه الرجال". وقال: "لا تقلد دينك الرجال؛ فإنهم لن يسلموا من أن يغلطوا".
وقال ابن عبد البر: "أجمعَ الناس على أن المقلد ليس معدودا من أهل العلم، وأن العلم معرفة الحق بدليله".
[من شروط القاضي الاجتهاد]
ولهذا جعل الفقهاء من شروط القاضي أن يكون مجتهدا، فلا يصح أن يتولاه المقلد، هذا الذي عليه جمهور العلماء.
قال في "الإفصاح":2 اتفقوا على أنه لا يجوز أن يولى القضاء من ليس من أهل الاجتهاد، إلا أبا حنيفة؛ فإنه قال: يجوز ذلك.
وقال الموفق في "المغني"3: يشترط في القاضي ثلاثة شروط:
(أحدها): الكمال؛ وهو نوعان: كمال الأحكام، وكمال الخلقة.
(والثاني): العدالة.
(والثالث): أن يكون من أهل الاجتهاد.
وبهذا قال مالك والشافعي وبعض
__________
1 سورة الجاثية آية: 32.
2 "الإفصاح عن شرح معاني الصحاح" -أي أحاديث الصحيحين- لأبي المظفر يحيى بن محمد بن هبيرة الوزير المتوفى سنة 560.
3 "المغني في فقه المذاهب الإسلامية" للشيخ موفق الدين بن قدامة الحنبلي، المتوفى في سنة 620.
الصفحة 3
263