كتاب شرح مختصر الروضة (اسم الجزء: 2)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَوْلُهُ: «وَخَصَّصَ قَوْمٌ عُمُومَ: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا} [النُّورِ: 2] » ، إِلَى آخِرِهِ.
هَذَا مِثَالٌ آخَرُ عِنْدَ بَعْضِ النَّاسِ لِتَخْصِيصِ الْعُمُومِ بِالْفِعْلِ أَوْ مَا يُشْبِهُ الْفِعْلَ.
وَبَيَانُهُ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النُّورِ: 2] ، عَامٌّ فِي الثَّيِّبِ وَالْبِكْرِ، فَلَمَّا رَجَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَاعِزًا، وَتَرَكَ جَلْدَهُ، دَلَّ عَلَى أَنَّ الْجَلْدَ مُخْتَصٌّ بِالْبِكْرِ دُونَ الثَّيِّبِ ; فَكَانَ هَذَا تَخْصِيصًا لِلنَّصِّ الْعَامِّ بِفِعْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَوْ بِمَعْنَى فِعْلِهِ وَهُوَ تَرْكُ الْجَلْدِ. وَهَذِهِ مِنْ مَسَائِلِ الْخِلَافِ، أَعْنِي أَنَّ الزَّانِيَ الثَّيِّبَ: هَلْ يُجْلَدُ مَعَ الرَّجْمِ أَمْ لَا؟ وَالصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِنَا أَنَّهُ يُجْلَدُ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ.
«السَّابِعُ» : مِنْ مُخَصِّصَاتِ الْعُمُومِ: تَقْرِيرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى خِلَافِهِ، أَعْنِي: عَلَى خِلَافِ الْعُمُومِ «مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْمَنْعِ» ، مِنْ خِلَافِهِ ; لِأَنَّ إِقْرَارَهُ كَصَرِيحِ إِذْنِهِ، إِذْ لَا يَجُوزُ لَهُ الْإِقْرَارُ عَلَى الْخَطَأِ لِعِصْمَتِهِ، كَمَا سَبَقَ فِي أَوَّلِ الْكَلَامِ فِي السُّنَّةِ مِنْ أَنَّهَا قَوْلٌ وَفِعْلٌ وَإِقْرَارٌ عَلَى فِعْلٍ أَوْ تَرْكٍ، ثُمَّ إِذَا أَقَرَّ وَاحِدًا مِنَ الْأُمَّةِ عَلَى خِلَافِ الْعُمُومِ، ثَبَتَ ذَلِكَ فِي حَقِّ غَيْرِهِ، لِمَا سَبَقَ مِنْ أَنَّ مَا ثَبَتَ فِي حَقٍّ وَاحِدٍ، ثَبَتَ فِي حَقِّ الْجَمِيعِ مَا لَمْ يُخَصَّ بِهِ ذَلِكَ الْوَاحِدُ.
الصفحة 570