كتاب شرح مختصر الروضة (اسم الجزء: 2)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ إِنَّمَا يَرْفَعُ حُكْمَ بَعْضِ النَّصِّ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُسْتَغْرِقًا، وَالنَّسْخُ يَجُوزُ أَنْ يَرِدَ عَلَى جَمِيعِ حُكْمِ النَّصِّ فَيَرْفَعُهُ ; فَيَصِحُّ أَنْ يُوجِبَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ يَنْسَخُهَا بِأَنْ يَقُولَ: لَا تُصَلُّوهَا، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَقُولَ: صَلُّوا أَرْبَعًا إِلَّا أَرْبَعًا أَوْ إِلَّا ثَلَاثًا كَمَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَهَاهُنَا تَحْقِيقَانِ:
أَحَدُهُمَا: قَوْلُنَا: الِاسْتِثْنَاءُ يَرْفَعُ حُكْمَ بَعْضِ النَّصِّ تَجَوُّزٌ بِاعْتِبَارِ دُخُولِ الْمُسْتَثْنَى فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ لَفْظًا، وَإِلَّا فَالِاسْتِثْنَاءُ فِي التَّحْقِيقِ بَيَانٌ لِأَنَّهُ أَحَدُ الْمُخَصِّصَاتِ.
الثَّانِي: قَوْلِي: وَالنَّسْخُ يَجُوزُ أَنْ يَرْفَعَ حُكْمَ جَمِيعِ النَّصِّ، أَجْوَدُ مِنْ قَوْلِ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ: إِنَّ النَّسْخَ يَرْفَعُ جَمِيعَ حُكْمِ النَّصِّ ; لِأَنَّ النَّسْخَ قَدْ يَرْفَعُ جَمِيعَ حُكْمِ النَّصِّ، وَقَدْ يَرْفَعُ بَعْضَهُ، كَمَا نُسِخَ خَمْسُ رَضَعَاتٍ مِنْ عَشْرِ، وَكَمَا إِذَا نُسِخَ الْوُجُوبُ يَبْقَى الْجَوَازُ، وَهُوَ بَعْضُ حُكْمِ النَّصِّ.

وَيَتَعَلَّقُ بِهَذَا إِشْكَالٌ خَطَرَ لِي عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ النَّسْخِ وَالتَّخْصِيصِ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ لِي الْجَوَابُ عَنْهُ، وَهُوَ أَنْ يُقَالَ: إِذَا جَازَ وُرُودِ النَّسْخِ وَالتَّخْصِيصِ عَلَى بَعْضِ حُكْمِ النَّصِّ اشْتَبَهَا ; فَبِمَاذَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا؟ فَإِنْ قِيلَ: بِأَنَّ النَّسْخَ رَفْعٌ، وَالتَّخْصِيصَ بَيَانٌ.
قُلْنَا: صُورَتُهُمَا هَاهُنَا مُشْتَبِهَةٌ ; فَلَا يُعْرَفُ أَيُّهُمَا الرَّفْعُ مِنَ الْبَيَانِ.
فَإِنْ قِيلَ: يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ النَّسْخَ يَكُونُ بَعْدَ الْعَمَلِ بِالنَّصِّ، وَالتَّخْصِيصَ

الصفحة 586