كتاب شرح مختصر الروضة (اسم الجزء: 2)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
- قَوْلُهُ: «لَا يُقَالُ: رُتْبَةُ الشَّرْطِ التَّقْدِيمُ بِخِلَافِ الِاسْتِثْنَاءِ» .
هَذَا قَدْحٌ مِنَ الْخَصْمِ فِي قِيَاسِ الِاسْتِثْنَاءِ عَلَىِ الشَّرْطِ فِي رُجُوعِهِ إِلَى جَمِيعِ الْجُمَلِ، وَذَلِكَ بِبَيَانِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا.
وَتَقْرِيرُهُ أَنْ يُقَالَ: الشَّرْطُ رُتْبَتُهُ التَّقْدِيمُ حُكْمًا ; لِأَنَّ وَجُودَهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ وُجُودِ الْمَشْرُوطِ، وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ لَفْظُهُ مُقَدَّمًا، نَحْوَ: إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ ; فَأَنْتِ طَالِقٌ، لِيُطَابِقَ اللَّفْظُ الْحُكْمَ وَالْوَضْعُ الطَّبْعَ، فَإِذَا تَأَخَّرَ لَفْظُهُ عَنِ الْجُمَلِ، تَعَلَّقَ بِجَمِيعِهَا ; لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي التَّقَدُّمِ ; فَهُوَ وَإِنْ تَأَخَّرَ لَفْظًا ; فَهُوَ مُتَقَدِّمٌ حُكْمًا ; فَتَعَلَّقَ بِمَا يَلِيهِ مِنْ جِهَةِ لَفْظِهِ، وَبِمَا قَبْلَهُ مِنْ جِهَةِ حُكْمِهِ.
وَشَبِيهٌ بِذَلِكَ مَا يَذْكُرُهُ النَّحْوِيُّونَ فِي تَقْدِيمِ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ، نَحْوُ: ضَرَبَ غُلَامَهُ زِيدٌ، وَضَرَبَ غُلَامُهُ زَيْدًا، حَيْثُ صَحَّتِ الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ، وَلَا كَذَلِكَ الِاسْتِثْنَاءُ ; فَإِنَّهُ تَابِعٌ مُتَأَخِّرٌ لَفْظًا وَحُكْمًا، لَا حَقَّ لَهُ فِي التَّقْدِيمِ حَتَّى يَقْوَى بِذَلِكَ عَلَى رُجُوعِهِ إِلَى أَوَّلِ الْجُمَلِ ; فَبَانَ بِذَلِكَ الْفَرْقُ بَيْنَ الشَّرْطِ وَالِاسْتِثْنَاءِ.
- قَوْلُهُ: «لِأَنَّا نَقُولُ عَقْلًا لَا لُغَةً» ، هَذَا جَوَابٌ عَنِ الْفَرْقِ الْمَذْكُورِ مِنْ وُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: قَوْلُهُمْ: رُتْبَةُ الشَّرْطِ التَّقْدِيمُ.
قُلْنَا: فِي الْعَقْلِ لَا فِي اللُّغَةِ، وَكَلَامُنَا فِي بَحْثٍ لُغَوِيٍّ لَا عَقْلِيٍّ، وَلَا يَلْزَمُ
الصفحة 615