كتاب شرح مختصر الروضة (اسم الجزء: 2)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَمِثَالُ ذَلِكَ، لَوْ قَالَ: إِذَا غَابَ الشَّفَقُ ; فَصَلُّوا الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ، احْتَمَلَ أَنْ يُرِيدَ بِالشَّفَقِ الْحُمْرَةَ وَالْبَيَاضَ جَمِيعًا، وَأَنْ يُرِيدَ الْحُمْرَةَ فَقَطْ، وَأَنْ يُرِيدَ الْبَيَاضَ فَقَطْ.
فَبِتَقْدِيرِ أَنْ يُرِيدَهُمَا جَمِيعًا ; فَلَوْ صَلَّيْنَا قَبْلَ مَغِيبِ الْبَيَاضِ، أَخْطَأْنَا، فَلَمَّا جَاءَ الْبَيَانُ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «الشَّفَقُ الْحُمْرَةُ، فَإِذَا غَابَ الشَّفَقُ ; فَقَدْ وَجَبَ عِشَاءُ الْآخِرَةِ» . عِلِمْنَا الْمُرَادَ.
وَأَبُو حَنِيفَةَ لَمَّا لَمْ يَبْلُغْهُ هَذَا الْحَدِيثُ، أَوْ بَلَغَهُ وَلَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ، قَالَ: الْأَصْلُ بَقَاءُ وَقْتِ الْمَغْرِبِ ; فَمَنِ ادَّعَى خُرُوجَهُ بِمُجَرَّدِ غَيْبُوبَةِ الْحُمْرَةِ ; فَعَلَيْهِ الدَّلِيلُ، وَالْأَصْلُ بَقَاءُ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ، وَلِأَنَّ الْمُصَلِّيَ بَعْدَ غَيْبُوبَةِ الْبَيَاضِ مُمْتَثِلٌ إِجْمَاعًا، وَقَبْلَهُ مُخْتَلَفٌ فِي امْتِثَالِهِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ مِنَ امْتِثَالِ الْأَمْرِ ; فَيُسْتَصْحَبُ فِيهِ الْحَالُ.

الصفحة 656