كتاب شرح مختصر الروضة (اسم الجزء: 2)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الْبَصْرِيِّ، وَالْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ.
قَوْلُهُ: «قِيلَ: لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ اللُّغَوِيِّ وَالشَّرْعِيِّ» ، أَيْ: ثُمَّ، تَارَةً يُوَجَّهُ إِجْمَالُ ذَلِكَ، بِأَنَّهُ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ وَالشَّرْعِيِّ، كَالصَّلَاةِ بَيْنَ الدُّعَاءِ، وَالْأَفْعَالِ الشَّرْعِيَّةِ الْمَعْرُوفَةِ، وَالصِّيَامِ بَيْنَ الْإِمْسَاكِ الْمُطْلَقِ لُغَةً، وَالْإِمْسَاكِ الْخَاصِّ شَرْعًا ; فَلَا يُعْلَمُ أَيُّهُمَا الْمُرَادُ.
وَتَارَةً يُوَجَّهُ إِجْمَالُهُ، بِأَنَّ قَوْلَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «لَا صَلَاةَ إِلَّا بِطَهُورٍ» ; إِمَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ نَفْيُ صُورَةِ الصَّلَاةِ، أَوْ نَفْيُ حُكْمِهَا، وَالْأَوَّلُ بَاطِلٌ ; لِأَنَّ صُورَةَ الصَّلَاةِ شَرْعًا يُمْكِنُ إِيجَادُهَا بِغَيْرِ طَهُورٍ، كَصَلَاةِ الْمُحْدِثِ ; فَتَعَيَّنَ أَنَّ الْمُرَادَ نَفْيُ حُكْمِ الصَّلَاةِ بِغَيْرِ طَهُورٍ، وَلَكِنَّ الْأَحْكَامَ مُتَعَدِّدَةٌ مُتَسَاوِيَةٌ، كَالصِّحَّةِ وَالْكَمَالِ، وَالْإِجْزَاءِ ; فَيَبْقَى الْكَلَامُ مُتَرَدِّدًا بَيْنَ: لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ، أَوْ لَا تَكْمُلُ، أَوْ لَا تُجْزِئُ، أَوْ لَا تُقْبَلُ بِغَيْرِ طَهُورٍ، وَلَا يُعْلَمُ أَيُّهَا الْمُرَادُ ; فَيَجِيءُ الْإِجْمَالُ.
قَوْلُهُ: «وَلَنَا» ، يَعْنِي عَلَى نَفْيِ الْإِجْمَالِ فِي هَذَا وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: الْمَوْضُوعَاتُ، يَعْنِي الْمُصْطَلَحَاتِ، الشَّرْعِيَّةَ غَلَبَتْ فِي كَلَامِ الشَّارِعِ، لِمَا سَبَقَ فِي إِثْبَاتِ الْحَقَائِقِ الشَّرْعِيَّةِ، مِنْ أَنَّ الشَّارِعَ شَأْنُهُ بَيَانُ الْأَحْكَامِ، لَا بَيَانُ اللُّغَاتِ، وَحِينَئِذٍ صَارَتِ الْمَوْضُوعَاتُ اللُّغَوِيَّةُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الشَّرْعِيَّةِ فِي كَلَامِ الشَّارِعِ مَجَازًا كَمَا سَبَقَ، فَإِذَا دَارَ اللَّفْظُ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ
الصفحة 664