كتاب شرح مختصر الروضة (اسم الجزء: 2)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَالْمَعَادِ، وَلَوْلَا هَذَا الطَّرِيقُ الَّذِي فَتَحَهُ اللَّهُ لِلْمُؤْمِنِينَ، لَمَا اجْتَرَأَ مُتَكَلِّمُوهُمْ أَنْ يَسْتَدِلُّوا عَلَيْهِ، وَلَا يَتَكَلَّمُونَ مَعَ الْفَلَاسِفَةِ الْمُنْكِرِينَ لَهُ فِيهِ.
وَقَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الْأَنْبِيَاءِ: 22] ، {وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [الْمُؤْمِنُونَ: 91] ; فَبَيَّنَ سُبْحَانَهُ بِذَلِكَ طَرِيقَ الِاسْتِدْلَالِ عَلَى تَوْحِيدِهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَنَفْيِ الشَّرِيكِ لَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
وَبَيَّنَ بُقُولِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ} [الرُّومِ: 28] ، الْآيَةَ، قُبْحَ الْإِشْرَاكِ، وَمَنْعَهُ وَتَحْرِيمَهُ، وَجَمِيعُ اسْتِدْلَالَاتِ الْقُرْآنِ عَقْلِيَّةٌ، وَهِيَ مُفِيدَةٌ لِلْبَيَانِ.
وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ قَالَ لَهُ: قَبَّلْتُ وَأَنَا صَائِمٌ: أَرَأَيْتَ لَوْ تَمَضْمَضْتَ. فَقَاسَ الْقُبْلَةَ عَلَى الْمَضْمَضَةِ، وَبَيَّنَ بِذَلِكَ أَنَّ الْفِطْرَ إِنَّمَا يَكُونُ بِمَا يُجَاوِزُ الْحَلْقَ إِلَى الْجَوْفِ، أَوْ بِمَا يَحْصُلُ مِنْهُ مَقْصُودُهُ الْمَوْضُوعُ لَهُ مِنَ الْمُفَطِّرَاتِ، وَالْقُبْلَةُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهَا مَقْصُودُ جِنْسِهَا وَهُوَ الْإِنْزَالُ، كَمَا أَنَّ الْمَضْمَضَةَ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهَا مَقْصُودُ الشُّرْبِ، وَهُوَ الرِّيُّ.
وَقَالَ لِلْخَثْعَمِيَّةِ: أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أَبِيكِ دَيْنٌ. فَبَيَّنَ أَنَّ دَيْنَ اللَّهِ كَدَيْنِ
الصفحة 682