كتاب شرح مختصر الروضة (اسم الجزء: 2)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الثَّالِثُ: أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَمَرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ بِذَبْحِ بَقَرَةٍ، ثُمَّ أَخَّرَ بَيَانَ صِفَتِهَا حَتَّى رَاجَعُوهُ فِيهَا مِرَارًا، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} الْآيَاتِ إِلَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} [الْبَقَرَةِ: 67، 71] ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ.
الرَّابِعُ: أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ، أَخَّرَ بَيَانَ أَنَّ ابْنَ نُوحٍ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ إِلَى وَقْتِ الْحَاجَةِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ قَالَ لِنُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ: {اصْنَعِ الْفُلْكَ} [هُودٍ: 37] ، وَ {احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ} [هُودٍ: 40] ، وَهُوَ عَامٌّ فِي ابْنِهِ وَغَيْرِهِ، فَلَمَّا أَدْرَكَ ابْنَ نُوحٍ الْغَرَقُ، خَاطَبَ نُوحٌ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ بِقَوْلِهِ: {إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ} [هُودٍ: 45] ، أَيْ: وَعَدْتَنِي أَنْ تُنْجِيَ أَهْلِي، وَإِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي ; فَأَنْجِهِ ; فَقَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ} [هُودٍ: 46] ; فَسَكَتَ نُوحٌ بَعْدَ أَنْ سَمِعَ مَا سَمِعَ خَائِفًا مُسْتَغْفِرًا ; فَهَذَا تَأْخِيرُ الْبَيَانِ إِلَى وَقْتِ الْحَاجَةِ.
الْخَامِسُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَخَّرَ بَيَانَ كَثِيرٍ مِنَ الْأَحْكَامِ إِلَى وَقْتِ الْحَاجَةِ:
مِنْهَا: بَيَانُ قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى} [الْأَنْفَالِ: 41] ، اقْتَضَتِ الْآيَةُ أَنَّ جَمِيعَ الْغَنِيمَةِ لِهَذِهِ الْأَصْنَافِ، ثُمَّ بَيَّنَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ السَّلَبَ لِلْقَاتِلِ، وَأَنَّ الْمُرَادَ بِذِي الْقُرْبَى بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ، دُونَ بَنِي نَوْفَلٍ وَبَنِي عَبْدِ شَمْسٍ، لِمَنْعِهِ لَهُمْ مِنْهَا، وَقَوْلِهِ: إِنَّا وَبَنِي الْمُطَّلِبِ لَمْ نَفْتَرِقْ فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلَا إِسْلَامٍ.

الصفحة 691