كتاب شرح مختصر الروضة (اسم الجزء: 2)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فَالْأَوَّلُ يُسَمَّى مَنْطُوقًا، كَفَهْمِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي السَّائِمَةِ، فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: فِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ الزَّكَاةُ، وَكَفَهْمِ تَحْرِيمِ التَّأْفِيفِ، فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الْإِسْرَاءِ: 23] .
وَالثَّانِي يُسَمَّى فَحْوَى وَمَفْهُومًا، كَفَهْمِ عَدَمِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْمَعْلُوفَةِ مِنَ الْحَدِيثِ، وَتَحْرِيمِ الضَّرْبِ مِنَ الْآيَةِ، وَهَذِهِ الْخَاتِمَةُ مَذْكُورَةٌ لِبَيَانِ ذَلِكَ.
وَالْمَعْقُولُ: الْقِيَاسُ ; لِأَنَّهُ يُسْتَفَادُ بِوَاسِطَةِ النَّظَرِ الْعَقْلِيِّ.
وَالثَّابِتُ بِالْمَنْقُولِ وَالْمَعْقُولِ وَلَيْسَ وَاحِدًا مِنْهُمَا، هُوَ الْإِجْمَاعُ، كَمَا سَنَذْكُرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي إِثْبَاتِهِ.
وَقَوْلُنَا: هَذَا الْإِجْمَاعُ مَنْقُولٌ تَوَاتُرًا أَوْ آحَادًا مَجَازٌ ; لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْإِجْمَاعِ الِاتِّفَاقُ، وَهُوَ لَا يُنْقَلُ، إِنَّمَا الْمَنْقُولُ هُوَ الْإِخْبَارُ بِوُجُودِهِ، بِخِلَافِ النُّصُوصِ، فَإِنَّ نَفْسَهَا هِيَ الْمَنْقُولُ، وَالْقِيَاسُ نَفْسُهُ هُوَ الْمَعْقُولُ. إِذَا عَرَفَتْ هَذَا، عُدْنَا إِلَى حَلِّ لَفْظِ الْكِتَابِ.
فَقَوْلُهُ: " فَحْوَى اللَّفْظِ " هُوَ: " مَا أَفَادَهُ ". جِنْسٌ، يَتَنَاوَلُ مَا أَفَادَهُ نُطْقًا وَغَيْرَهُ.
وَبِقَوْلِهِ: " لَا مِنْ صِيغَتِهِ " يَخْرُجُ الْمَنْطُوقُ ; لِأَنَّهُ مُسْتَفَادٌ مِنَ الصِّيغَةِ، كَمَا

الصفحة 705