كتاب الشبهات التي أثيرت حول دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب (مطبوع ضمن بحوث ندوة دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب)
ولو كان عمر يستشفع بالعباس لخرج به وحده، أو لجاءه في بيته مستشفعا به. وهذا الاستسقاء مستحب أن يقوم به المسلمون في حال الجدب، وإمساك المطر، حيث يجتمع الناس صغارا وكبارا، وشيوخاً وشباباً في صلاة للاستسقاء، يجأرون فيها بالدعاء والضراعة إلى الله أن يرحمهم، ويرسل السماء عليهم مدرارا، مقدمين في ذلك من يتوسمون فيه الصلاح والتقوى؛ ليكون إماماً لهم في هذه الصلاة. ثم إنه لو كان يجوز التوسل برسول الله صلى الله عليه وسلم بعد موته لما عدل عمر ابن الخطاب عن التوسل به ولما استسقى بالعباس عم النبي. وهذا دليل قاطع على أنه لا يجوز التوسل بالأموات من الأنبياء، فضلا عن غيرهم، أما التوسل بالأحياء ممن يظن بهم الخير، فهذا جائز؛ إذ كان الأحياء ممن يستعان بهم في كثير من الأمور الواقعة في مقدورهم من مسائل الحياة الدنيا.. فجاز لهذا أن يطلب منهم الدعاء إلى الله تعالى، وأن ترجى استجابة الله تعالى لما يدعون به لخير العباد. وهذا مما لا يدخل منه شيء على عقيدة المؤمن، وإخلاص عبوديته لله وإفراده سبحانه بالخلق والأمر لا شريك له. ومن مغالطات ابن دحلان المفضوحة. وضلالاته الشنيعة في التوسل بالأموات، قوله في ص: 12: "وإنما استسقى عمر رضي الله عنه بالعباس رضي الله عنه ولم يستسق بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ ليبين للناس جواز الاستسقاء بغير النبي صلى الله عليه وسلم وأن ذلك لا حرج فيه. وأما الاستسقاء بالنبي فكان معلوما لهم، فل ربما بعض الناس يتوهم أنه لا يجوز الاستسقاء بغير النبي، فبين لهم عمر باستسقائه بالعباس الجواز. "ولو استسقى بالنبي صلى الله عليه وسلم لربما فهم بعض الناس أنه لا يجوز الاستسقاء بغيره صلى الله عليه وسلم.