كتاب الشبهات التي أثيرت حول دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب (مطبوع ضمن بحوث ندوة دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب)

وثانياً: أنه لو صح هذا الحديث لكان العمل به دواء لكل أعمى من المسلمين؛ إذ ليس فيه ما يدل على أنه خاص بهذا الأعمى، وهذا غير مقبول شرعاً، وعقلاً، وواقعاً. وثالثاً: الشفاعة التي ثبتت للنبي صلى الله عليه وسلم هي شفاعة في الآخرة لعصاة المؤمنين بإذن من ربه سبحانه وتعالى، والله تعالى يقول: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ} 1 ويقول سبحانه {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلاَّ مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى} 2.وأما حديث بلال بن الحارث الذي أشار إليه ابن دحلان، فهو قوله: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج إلى الصلاة قال: بسم الله، آمنت بالله، وتوكلت على الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك ".. وقد بينا من قبل أن هذا -إن صح- فهو دعاء خالص لله تعالى، وليس توسلا بالسائلين، وإنما بحق السائلين الذي هو لله تعالى وحده، بما أوجب على ذاته الكريمة من إجابة دعوة الداعين المتوجهين إليه سبحانه بالدعاء، كما يشير إلى ذلك قوله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} 3.وأما توسل آدم بالنبي صلى الله عليه وسلم بأن يقبل الله توبته، ويغسل خطيئته، فقد كشفنا عن بطلانه، وأنه من تخريفات المتصوفة، ومفتريات الباطنية.
__________
1 سورة البقرة آية: 255.
2 سورة النجم آية: 26.
3 سورة غافر آية: 60.

الصفحة 199