كتاب الشبهات التي أثيرت حول دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب (مطبوع ضمن بحوث ندوة دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب)

{وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُور ٍ} 1 وهذا النور الذي تستضيء به البصائر، وتتعرف به مواقع الحق والخير، إنما ينبعث من خلال النار والدخان، فلا يخلص منهما إلا بعد صراع ومجاهدة، وإنه بقدر هذا الصراع وتلك المجاهدة يكون صفاء هذا النور وتكون قوته. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالأَبْصَارِ} 2 فذلك مثل ضربه الله تعالى للصراع بين الحق والباطل، والخير والشر، والنور والظلام.. ومن خلال هذا الصراع تتبين مواقع أهل الحق، ومواطن أهل الباطل، ومن يمسكون بالخير، ومن يتمسكون بالشر، ومن هم في عالم النور، ومن هم في مسبح الظلام والضلال.
- 2 -
ودعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب من تلك الدعوات الطيبة المباركة، الداعية إلى الله تعالى، والهادية إلى صراطه المستقيم، والضاربة في وجه البدع، والضلالات التي تداعت على الدين الحنيف من داخل أوطان الإسلام وخارجها. فكان بهذا واحدا من أولئك الركب المجاهد الكريم المنافح عن دين الله، كلما تغشته غواشي الضلال وحاولت حجب أنواره العلوية القدسية عن المؤمنين بالله حتى تنقطع بينهم وبينه الأسباب، وأنه منذ قيام هذا الداعية إلى التوحيد، وإلى حماية حمى الإسلام الطهور من زحوف الشرك
__________
1 سورة النور آية: 40.
2 سورة النور آية: 43.

الصفحة 233