كتاب الشبهات التي أثيرت حول دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب (مطبوع ضمن بحوث ندوة دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب)
أيديهم بلدا بلدا، بعد أن نازعوه الأرض شبرا شبرا تاركين على كل شبر أثرا من دم شهدائهم الأبرار. وكانت الدرعية قد ضمت من مقاتليها أمراء آل سعود، وأبناء الشيخ محمد بن عبد الوهاب ومن انضوى إليهم من الموحدين.. وليس معهم هذه القوة المسلطة عليهم إلا قلوبهم المؤمنة، وإلا عدد قليل من الرجال وعدد أقل من السلاح والعتاد. ولكن هؤلاء الموحدين أبوا أن ينزلوا على حكم هذا العدو المدل بكثرة رجاله وقوة سلاحه.. فدخلوا الحرب معه، وواجهوا تلك الجيوش الكثيفة في جرأة نادرة واستبسال عجيب، يذكر بأيام المسلمين الأولين في بدر وأحد، وفي المدائن واليرموك وغيرها من معارك الإسلام - حتى لقد تهاوت عليهم الدور، وتساقطت الحصون، واستشهد من حولهم أبناؤهم وآباؤهم وإخوانهم. وقد ظلت هذه المحنة أياما، مات فيها من الأطفال والنساء جوعا وعطشا، ونفد السلاح القليل الذي كأن بأيدي المجاهدين، وكادت تفتضح الحرائر في خدورها ثم كانت المصالحة.. التي تم فيها تسليم البلد للمعتدين، بعد أن أصبحت أنقاضا غارقة في دماء الشهداء من آل سعود، وآل الشيخ محمد بن عبد الوهاب. وقد قتل من أهل الدرعية في هذه الحرب نحو ألف وثلاثمائة شهيد.. منهم واحد وعشرون شهيدا من أمراء آل سعود. منهم فيصل بن سعود وأخواه.. إبراهيم وتركي1.. وهذا مما يقدمه المؤمنون الصادقون، دفاعاً عن دين الله، وذياداً عن حرماته: {وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ} 2.
__________
1 انظر كتاب: عنوان المجد في تاريخ نجد الجزء الأول ص 203 وما بعدها.
2 سورة آية: 4-5.