كتاب الشبهات التي أثيرت حول دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب (مطبوع ضمن بحوث ندوة دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب)

في جامع "المؤيد" بالقاهرة.. وقد كثر عليه الناس وازدحم بهم المسجد، ثم انتقل من الوعظ، فذكر ما كان يفعله أهل مصر بضرائح الأولياء، وإيقاد الشموع على قبور الأولياء، وتقبيل أعتابهم، وأن ذلك كفر يجب على الناس تركه وعلى ولاة الأمور السعي إلى إبطال ذلك.. "وقد ذكر - أي الواعظ - عن قول الشعراني، في كتابه: "الطبقات الكبرى" أن بعض الأولياء، اطلع على اللوح المحفوظ 1 فقال الواعظ: إنه لا يجوز ذلك، ولا يطلع عليه الأنبياء فضلاً عن الأولياء.. وكان فيما قال الواعظ إنه لا يجوز بناء القباب على ضرائح الأولياء، كما لا يجوز بناء التكايا 2، ويجب هدم ذلك جميعا". ثم يقول الجبرتي معلقا على ما كان لدعوة هذا الواعظ من أثر، وما جرى بعدها من أحداث: "فقامت لهذا قيامة العلماء، فدسوا عليه من يشوش، ويخفت صوته". هذا ما كان من العلماء، وأدعياء العلم من تلك الدعوة إلى إزالة معالم الشرك وطمس وجوهها، وقد كان المرجو منهم أن يقوموا هم بتلك الدعوة، أو أن يناصروها وذلك أضعف الإيمان، ولكنهم وقفوا في وجه هذه الدعوة وأنكروها على صاحبها.. فكيف لا يعم البلاء، ولا يستشري الشر، وترتفع رايات الشرك، والعلماء هم الذين يحملون تلك الرايات المشئومة؟
__________
1 ذكر ذلك الشعراني في ترجمته لإبراهيم الدسوقي, صاحب الضريح المعروف بمدينة دسوق بمصر, كما ذكر ذلك عن أحمد البدوي, صاحب الضريح المعروف بمدينة طنطا بمصر, وكان فيما ذكره الشعراني عن إبراهيم الدسوقي أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم , وبعض الأولياء, في الحضرة الأهلية, وأنه قيل له: يا إبراهيم اذهب إلى النيران وقل لها أن تغلق أبوابها, وإلى الجنان أن تفتح أبوابها, ففعل ذلك، وأغلقت النيران, وفتحت الجنان.
2 التكايا: هى دور كانت تقام للدراويش من البكتاشية، وتوقف عليها الأوقاف الكثيرة حيث يأكل من ريعها هؤلاء الدراويش, لا يباشرون أي عمل, بل يقضون حياتهم في لهو ورقص، وارتكاب الفواحش في تلك المواخير مع الغلمان والنساء.

الصفحة 237