كتاب تأثر الدعوات الإصلاحية في أندونيسيا بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب (مطبوع ضمن بحوث ندوة دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب)

التوحيد غاية دعوة الرسل:
لا يخفى على من له أدنى معرفة بالدين أن التوحيد غاية لدعوة الرسل من لدن أبي الأنبياء إلى آخر الرسل وخاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم؛ لأن الناس يغلب عليهم الإشراك. {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ} 1.فهم مع إيمانهم أن الله هو خالق الكون ومالكه ومدبر شئونه يتوهمون أن له أعوانا ووسائط مقربين من ملائكة وجن وإنس وأرواح وغيرها، وأن لتلك الوسائط والأعوان شيئا من النفوذ في تدبير أمور الكون منعا وعطاء، وشيئا من حق الملكية أمرا ونهيا، ويتوهمون أنهم أذل لأن يدعوا الله ويسألوه مباشرة، وأنه أبعد لأن يرفعوا إليه حاجاتهم أو يلجئوا إليه عند الشدائد، لذلك نراهم سريعي الإعراض عن الله تعالى إلى ما يتوهمون فيه أنه شريك له أو معين له أو مقرب إليه أو شفيع عنده أو وسيط بينه وبينهم. فمن ذلك نرى أن أول ما يدعو إليه الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأشده الرجوع إلى التوحيد النقي من شوائب الإشراك، فننبه بقوله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} 2 وقوله صلى الله عليه وسلم:: " من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، والجنة حق والنار حق، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل " 3 (رواه الشيخان عن عبادة) وقوله صلى الله عليه وسلم: " إن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله
__________
1 سورة يوسف آية: 106.
2 سورة الأنعام آية: 82.
3 البخاري: أحاديث الأنبياء (3435) , ومسلم: الإيمان (28) , وأحمد (5/313) .

الصفحة 404