كتاب تأثر الدعوات الإصلاحية في أندونيسيا بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب (مطبوع ضمن بحوث ندوة دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب)

والحق أنهم لا يأتون من الكتاب والسنة بما يدل على وجوب معرفة تلك الخمسين على كل مكلف مستقلة عن غيرها من سائر المعتقدات الإسلامية، وقد لا يقولون بوجوب اعتقاد ثبوت تلك العشرين في حق الله تعالى دون سائر الصفات التي وصف الله بها نفسه إلا تقليدا لمن سبقهم، وقد لا يعرفون أن هذا القول لا عهد له في عهد الصحابة والتابعين رضي الله عنهم. وأعتقد أني لا أجافي الحق حين أقول: إن تحرير مثل تلك العقائد وتقريرها بالأدلة النظرية العقلية الصحيحة لحاجة ما له أهميته في وقت من الأوقات وفي بيئة من البيئات. والواجب على كافة المسلمين في جميع الأزمنة والأمكنة هو الإيمان بجميع الصفات التي وصف الله بها نفسه في كتابه المبين وعلى لسان نبيه الأمين ضمن الإيمان بكتاب الله وبرسوله. أما الشيخ فقد ذكر في كتابه آيات قرآنية وأحاديث نبوية شريفة تدل على وحدانيته في ربوبيته وألوهيته واتصافه بكل كمال وتنزهه عن كل نقص، ودعا إلى الإيمان بجميع الصفات التي وصف الله بها نفسه في كتابه أو على لسان نبيه، ونهى عن جحد شيء منها أو الإلحاد فيه، ومما ساقه من الأدلة على ذلك قوله تعالى حكاية عن حال مشركي قريش: وهم يكفرون بالرحمن: {قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ} 1 وقوله تعالى: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} 2.
__________
1 سورة الرعد آية: 30.
2 سورة الأعراف آية: 180.

الصفحة 416