كتاب تأثر الدعوات الإصلاحية في أندونيسيا بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب (مطبوع ضمن بحوث ندوة دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب)

ثم بين كيفية الإيمان بالقدر، وهو أن تعلم أن ما أصابك من نفع أو ضر فهو بقدر الله، ولم يكن ليخطئك مهما كان سعيك، وإن ما أخطأك من خير أو شر فهو بقدر الله، ولم يكن ليصيبك مهما كان حرصك، وأتى في الاستدلال بحديث عبادة بن الصامت أنه قال لابنه: " يا بني إنك لن تجد طعم الإيمان حتى تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن أول ما خلق الله القلم، فقال له اكتب، فقال: رب وماذا أكتب، قال اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة، يا بني، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من مات على غير هذا فليس مني " (رواه أبو داود) ، وبما ورد عن ابن الديلمي قال: أتيت أبي بن كعب فقلت: " في نفسي شيء من القدر، فحدثني بشيء لعل الله يذهبه من قلبي، فقال: لو أنفقت مثل أحد ذهبا ما قبله الله منك حتى تؤمن بالقدر، وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، ولو مت على غير هذا لكنت من أهل النار، قال: فأتيت عبد الله بن مسعود، وحذيفة بن اليمان، وزيد بن ثابت، فكلهم حدثني بمثل ذلك عن صلى الله عليه وسلم " (رواه أحمد وأبو داود والحاكم) . هذا فيما وقع في الماضي، فلا ينبغي لنا أن نقول فيما يسوءنا مما وقع: لو فعلنا كذا لما وقع، أو: لو كنا لم نفعل كذا لوقع على مثل ما أردنا؛ لأن ما وقع إنما هو بقدر الله سابق علمه، لا يرده كراهية كريه، ولا يجلبه حرص حريص، ثم ذكر في الاستدلال ما حكاه الله عن بعض المنافقين يوم أحد بقوله سبحانه: {لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا} 1.وقوله تعالى: {الَّذِينَ قَالُوا لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا} 2.
__________
1 سورة آل عمران آية: 154.
2 سورة آل عمران آية: 168.

الصفحة 418