كتاب التنكيل - دار المعارف (اسم الجزء: 2)

ونسبوه إلى كثرة الغلط فقد وثقة ابن معين وغيره وقالوا : كان فقيه أهل مكة وكانت له حلقة في حياة ابن جريج ،وهذا الخبر مما يحتاج إليه الفقيه فلا ظن به الغلط فيه(1)وقد تابعه في الجملة أبو قرة وهو ثقة فلفظ ((القربتين )) ثابت عن أبن جريج ، فأما لفظ (( الفرقين)) فإن كان بفتح الراء فيدفعه أن قلال هجر معروفة بالكبر بحيث يضرب بها المثل كما مر ، وقد قال الأزهري بعد إن عاش في هجر معروفة بالكبر بحيث ونواحيها سنين (( قلال هجر والإحساء ونواحيها معروفة تأخذ القلة منها مزادة كبيرة من الماء وتملأ الرواية قلتين )) والقربة تكون من الجلد واحد والمزادة من جلدين ونصف أو ثلاثة والرواية هو البعير الذي يحمل مزادتي الماء فالمراد هنا أن المزادتين اللتين يستقي فيهما على البعير تملآن قلتين ، فكيف يعقل أن يكون
__________
(1) هذا غير مسلم ، فإن لازمه قبول أحاديث الأحكام والزيادات التي تفرد بها بعض الفقهاء المتكلم فيهم أمثال أبي حنيفة وابن أبي ليلى وغيرها ،وهو مما لا يقوله المؤلف ولا غيره من أهل العلم ، ثم لوسلمنا بذلك هنا فإستنإد الزيادة من فوق مسلم بن خالد ضعيف لجهالة من فوق ابن جريج ،فإن حمل على رواية أبي قرة عنه ، فهي ضعيفة أيضاً لأن يحيى بن يعمر تابعي ،ومحمد بن يحيى مجهول . وأما متابعة أبي قرة ، له في الجملة ، فلا تفيد هنا لأن البحث خاص بزيادة ((بقلال هجر )) وهى مما لم يتابعه عليها أبو قرة ،وهب ،وهب أنه قد توبع هي لا تثبت لما عرفت من الضعف .على أن قول ه (( وقال في الحديث :بقلال هجر )) ليس صريح في الوقف .فيقط الاستبدال بها جملة .
ثم كيف يمكن أ، تكون زيادة محفوظة ،ولم ترد في شيء من طرق الحديث المحفوظة التي بها ثبتت أصل حديث القلتين لا برواية مسلم بن خالد له ، بل قواعد الحديثية تعطى أن هذه الزيادة منكرة لتفرد ابن خالد بها وقد ضعفه الأكثرون
والحق أن لحديث القلتين مع صحته ، فالاستدلال به على ما ذهب إليه الشافعية صعب إثباته ،وعليه اعتراضات كثيرة لا قبل لهم بردها ،ولقد جهد المؤلف رحمه الله لتقرير الأستدلال به وتمكينه من بعض الوجوه من حيث منطوقة ومفهومه ، ولم يعترض للاجابة عن الاعتراضات المشار إليها ،فمن شاء الوقوف عليها فليرجع إلى تحقيق ابن القيم في ((تهذيب السنن )) (1/56-74)
ولامختار في هذه المسألة إنما هو المذهب الأول الذيقرره المؤلف رحمه الله تعالى ،لأن حديثه مع ثبوته فالاستدلال به سالم منأي اعتراض علمي ،بل هوالموافق لسماحة الشريعة ويسرها . ن

الصفحة 12