كتاب التنكيل - دار المعارف (اسم الجزء: 2)

عن ابن مسعود أنه كانيقول أن المعوذتين ليستا من القرآن واعتذر أهل العلم عنه بأنه لم. يسمع من النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يصرح بقرآنيتهما ولا تواتر ذلك عنده مع أن من المقطوع به تواتر ذلك عند غيره ، فلا يخدش في تواتر الرفع مخالفة بعض التابعين من الكوفيين إذ لا يازم من تواتر عند غيرهم تواتره عندهم بل عرضت لأولهم شبهة الترك فتوهموا أو بعضهم أنه غير مشروع ، كما توهم غيرهم من ترك عثمان وغيره تكبيرات الخفض والرفع أو الجهر بها أن ذلك غيرمشروع حتى انكروا على أبي هريرة كما تقدم ، ثم جاء بعدهم من الكوفيين من بلغته الأحاديث والآثار ولعلمها تواترت عنده فلم تطب نفسه بترك ما ألفه واعتاده وفر إلى احتمال النسخ ورأى أن الترك أحوطله وأطيب لنفسه . وقد اعترف الكوثري بتواتر الرفع عن جماعة من الصحابة وذلك لا يستازم تواتره عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فإنه فعل تعبدي في الصلاة ، لولم يعلموا أنه مشروع وفعلوه ، فإن فعلوه لا على وجه التعبد كان تلاعباً بالصلاة وإيهاماً لمشروعية مالم يشرعه الله وذلك كذب على الله ورسوله ودينه ، وإن فعلوه على وجه التنعبد فذلك صريح البدعة الضلالة والكذب على الله والتكذيب بآياته . فهذا يثبت قطعاً أنهم كانوا يعتقدون أنه مشروع ويمتنع اعتقادهم ذلك من جهة الرأى إذ لا مجالللرأى فيه ، على أن الرأى إنما يصار إليه في اثبات الفعل إذا لم يعلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تركه تركاً مستمراً مع قيام السبب وانتفاء المانع ،ويمتنع على الذين تواتر عنهم الرفع أن يجهلوا جميعاً أكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يرفع أم لا بعد أن طالت صحبتهم له ومراقبتهم لصلاته كما أمروا به .
وأما الأمر السادس وهو قول استاذ (( المتواتر أن جماعة من لصحابة كانوا لا يرفعون وجماعة منهم كانوا يرفعون )) فالشطر الثاني وهو تواتر الرفع حق ،وأما الشطر الأول فلا ، وهذا إمام النقل أبو عبد الله البخاري يقول كما تقدم (( لم يثبت عن أحد منهم تركه وإنما نقل الترك فيه قوة ما عن ابن مسعود وقد مر النظر فيه . وروي أيضاً عن عمر وعلي ، فأما عمر فقد جاء عنه الرفع من روايته ومن فعله ،وروى حسن بن عياش عن عبد الملك بن أبحر

الصفحة 29