كتاب التنكيل - دار المعارف (اسم الجزء: 2)

كل مكان، فلزمهم أن الله في بطن مريم، وفي الحشوش والأخلية، وهذا خلاف الدين، تعالى الله عن قولهم ... )).
ثم ساق الكلام وذكر حديث ((ينزل الله عز وجل كل ليلة إلى السماء الدنيا ... .)) من طرق، ثم قال:
((دليل آخر وقال الله عز وجل: [يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ]، وقال [تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْه]، وقال: [ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ]، وقال: [ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً]، وقال: [ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ] فكل ذلك يدل على أنه تعالى في السماء مستو على عرشه ...
(دليل آخر): وقال عز وجل: [وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً]، وقال: [هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ]، وقال: [) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى. فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى. فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى. مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى. أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى] إلى قوله: [لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى]، وقال عز وجل لعيسى بن مريم عليه السلام: [إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيّ]، وقال: [) وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً. بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ]. وأجمعت الأمة على أن الله عز وجل رفع عيسى إلى السماء، ومن دعاء أهل الإسلام جميعاً إذا هم رغبوا إلى الله عز وجل في الأمر النازل بهم يقولون جميعاً: يا ساكن العرش، ومن حلفهم جميعاً: لا والذي احتج بسبع سماوات ... .
دليل آخر: وقال عز وجل: [ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ]، وقال [وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِم]، وقال [وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ]، وقال عز وجل: [وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفّا] ... . فلم يثبتوا (1) له في وصفهم حقيقة، ولا أوجب له الذي يثبتون له بذكرهم إياه وحدانية، إذ كل كلامهم يؤول إلى التعطيل، وجميع أوصافهم تدل على النفي أ التعطيل، ... .. وروت العلماء عن عبد الله بن عباس أنه قال:
__________
(1) يعني الجهمية ومن معهم. المؤلف

الصفحة 349