كتاب التنكيل - دار المعارف (اسم الجزء: 2)

ينكره المتعمقون، والكلام الذي غير الظاهر احتمالاً قريباً لا يصرف عن ظاهر إلا بقرينة، ومن شرط القرينة أن يكون من شأنها أن لا تخفى على المخاطب، فإن لم يتحمل غير ظاهره أو احتمله ولا قرينة فزعم أن ظاهره باطل تكذيب له ولابد، ومعلوم من الدين بالضرورة استحالة أن يقع كذب من الله تعالى أو من رسوله فيما يخبر به عنه، والله تعالى أجل وأعظم من أن يكذب لمصلحة، والمصلحة المزعومة قد مر إبطالها في الباب الثالث، ومر هناك ما يكفي ويشفي.
فأما ظهور المجرد في صورة الجسماني، فالتجرد المزعوم لا حقيقة له، وإنما المعروف ثمثل الملك بشراً ولا يلزم من جواز ذلك في المخلوق جوازه أو نحوه في الخالق جل وعلا، ومع ذلك فتلك حال عارضة والنصوص صريحة في حال مستقرة مستمرة وبدائه العقول تقتضي بذلك كما لا يخفى. والله الموفق.
السابعة: المباحث التي تتعلق بالتدقيق في شأن وجود الله عز وجل، يلتبس فيها الأمر فينزل النظر من الوجود الواجب الذاتي الذي لم يزل الممكن والحادث كما تقدم في الباب الثالث (1) وتقدم هناك المخلص من أمثال ذلك، وإمتثالاً لذلك نقول: إننا لا نطلق ما لم يطلقه الشرع ولا وضح به الحق، وإنما ندين بما ثبت بالمأخذين السلفيين، عاملين أنه لا يلزم الحق إلا حق، فكل ما ثبت بالمأخذين السلفيين فهو حق، وم اأورد عليه من الإلزامات التعمقية لم يخل الخال أن يكون اللزوم باطلاً أو يكون اللازم حقاً لا ينافي ما ثبت بالمأخذين السلفيين.
اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك، واهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنه لا حول ولا قوة إلا بالله.
القرآن كلام الله غير مخلوق
هذه القضية كانت بغاية الوضوح في عهد السلف، ثم جحدها الزائغون، ثم التبس الأمر فيها على بعض الناس، وقد كفى فيها وشفى ما بينه إمام السنة أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل،
__________
(1) ص 284 - 289.

الصفحة 360