كتاب التنكيل - دار المعارف (اسم الجزء: 2)

لا أدري هل الإيمان بنبوة محمد إيمان عند الله؟ وهكذا في بقية الأمور، وقول الكوثري: ((بل جوز بتلك الإرادة أن يكون الإيمان خلاف ما يعتقده)) كالصريح فيما ذكر من الإيهام.
فإن قلت: إذا كان الرجل جازماً بوجود الله تعالى وبروبيته وتفرده بالألوهية ونبوة محمد وغير ذلك من أمور الإيمان التي تتضمنها القضية الأولى فما الذي يشككه في القضية الثانية أي في أنه جازم في تلك الأمور؟ ثم ما الذي يشككه في الثالثة أي في أنه عند الله تعالى مؤمن حقاً؟
قلت: قد مر ما يكفي لو تدبرته، وأزيده إيضاحاً:
تقدم في المسألة السابقة أن الجزم يتفاوت، فإذا ثبت ذلك ولم يكن عندك برهان واضح على أن القدر الذي عندك منه كاف عند اله تعالى، فمن أين يتهيأ لك أن تجزم بذلك؟ وهب أن الجزم الأول لا يتفاوت فمن أبن لك أن تجزم بأن جزمك مسار لجزم جبريل ومحمد عليهما السلام؟ فإن منتك نفسك ذلك فأنظر إن كنت من إتباع المتكلمين في النصوص المصرحة بأن الله تعالى في السماء فوق سماواته على عرشه، والنصوص الدالة على أنه سبحانه وتعالى ينزل كل ليلة إلى سماء الدنيا، وإنه يجيء يوم القيامة، وغير ذلك مما خالفت فيه السلفيون، ثم تأمل في جزمك بأن محمداً رسول الله

الصفحة 377