كتاب التنكيل - دار المعارف (اسم الجزء: 2)

هذه الأمة هم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه. وقد قال الله عز وجل: [قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي]. يوسف: 108.و قال تعالى: [وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ [مِنْ] (1) بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً] النساء: 115. فالسراط المستقيم ه ما كان عليه محمد - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، وقد تقدم بيان جوامعه في الباب الأول، وأول الباب الرابع. فما اتضح المأخذين والسلفيين بحسب النظر الذي كان متيسراً للصحابة وخير التابعين، فهو من السراط المستقيم، وما خفي أو تردد فيه النظر فالسراط المستقيم هو السكوت عنه، قال الله تعالى لرسوله: [ولا تقف ما ليس لك به علم]. الإسراء: 36.
وقال تعالى: [قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ] ص ّ: 86.
وفي (الصحيحين) من حديث جندب بن عبد الله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((اقرءوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم، فإذا اختلتم فقوموا عنه)).
فإن كان من الأحكام العملية والقضية واقعة ساغ الاجتهاد فيه على الطريق التي كانت يجري عليها من أمثال ذلك الصحابة وأئمة التابعين.
فمن لزم هذه السبيل فهو الثابت على سبيل الحق والصراط المستقيم، ومن لزم ذلك في المقاصد، وخاض في النظر المتعمق فيه، لتأبيد الحق وكشف الشبهات، وقد تحققت الحاجة إلى ذلك، فلا يقضى عليه بالخروج على السراط ما لم يتبين خروجه عنه في المقاصد فتلحقه تبعة ذلك بحسب مقدار خروجه.
هذا والاختلاف المنهي عنه من لازمه كما بينته الآيات التحزب وأن يكون شيعاً، وسبيل الحق بينه، والدين محفوظ فد تكفل الله تعالى بحفظه، وبأن لا تزال طائفة من الأمة قائمة عليه، فإن أخطأ عالم لم يلبث أن يجد من ينبهه على خطأه، فإن لم يتفق له ذلك، فالذي يوافقه أو يتابعه لا بد أن يجد من ينبهه، فلا يمكن أن يستولي الخطأ على فرقة من الناس
__________
(1) سقطت من الأصل. ن

الصفحة 381