كتاب التنكيل - دار المعارف (اسم الجزء: 2)

يثبتون عليه ويتوارثونه إلا باتباعهم الهوى، ولهذا نجد علماء كل مذهب يرمون علماء المذاهب الأخرى بالتعصب واتباع الهوى، وأكثرهم صادقون بالجملة، ولكن الرامي يغفل عنه نفسه، وكما جاء في الأثر (1) ((يرى القذاة في عين أخيه. وينسى الجذع في عينه)).
وعلى كل حال فإن الأمة قد اتبعت سنن من قبلها كما تواترت بذلك الأخبار عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومن ذلك بل من أعظمه بل أعظمه أنها فرقت دينها وكانت شيعاً، وقد تواترت الأخبار أيضاً بأنه لا تزال طائفة قائمة على الحق، فعلى أهل العلم أن يبدأ كل منهم بنفسه فيسعى في تثبيتها على السراط، وإفرادها عن اتباع الهوى، ثم يبحث عن إخوانه، ويتعاون معهم على الرجوع بالمسلمين إلى سبيل الله، ونبذ الأهواء التي فرقوا لأجلها دينهم وكانوا شيعاً.
ويتلخص العمل في ثلاثة مطالب:
الأول: العقائد، وقد علمت أن هناك معدناً لحجج الحق وهو المأخذان السلفيان، ومعدناً للشبه، وهو المأخذان الخلفيان، فطريق الحق في ذلك وضح.
المطلب الثاني: البدع العملية، والأمر في هذتا قريب لولا غلبة الهوى، فإن عامة تلك البدع لا يقول أحد من أهل العلم والمعرفة أنها من أركان الإسلام ولا من واجباته ولا من مندوباته، بل غالبهم يجزمون بأنها بدع وضلالات، وصرح قولهم منهم بأن منها ما هو شرك وعبادة لغير الله عز وجل، وقد شرحت ذلك في كتاب (العبادة)، وبحسبك هنا أن تستحضر أن من يزعم من المنتسبين إلى العلم أنه لا يرى ببعضها بأساً، أو زاد على ذلك أنه
__________
(1) الذي يؤثر عن المسيح عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم ومعناه في القرآن (أمأمورون الناس بالبر وتنسون أنفسكم [وأنتم تتلون الكتاب] أفلا تعقلون) وقوله تعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُون َكَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ]. م ع
قلت: بل هو حديث مرفوع صحيح الإسناد، أخرجه ابن حبان في ((صحيحه)) (1848 - موارد) وغيره، وهو مخرج في ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) رقم (33)، ولا أدري كيف خفي ذلك على الشيخين، ولا سيما فضيلة الشيخ محمد عبد الرزاق فإنه هو الذي قام على نشر كتاب ((موارد الضمآن إلى زوائد أبن حبان))، وعلى تحقيقه أيضاً، فلعله لم يتذكر الحديث عند كتابته لهذا التعليق قد ختمه بقوله: ((وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبيه محمد، وآله وصحبه، وسائر الأنبياء والمرسلين،.
فرغت من قراءته صباح يوم الثلاثاء 23 ذي الحجة سنة 1370 كتبه محمد عبد الرزاق حمزة)).

الصفحة 382