كتاب التنكيل - دار المعارف (اسم الجزء: 2)

وكيميا وطبيعة وفلك قلم تعن بها شرحاً وبحثاً وتنقيباً ، بل تركت ذلك لجهود العقل البشري وتجارب الناس وهمم الباحثين ، لأن ذلك يتطور حال الناس ويظهر بمظاهر تناسب عصورهم وتفكيرهم وجهودهم العقلية والاجتماعية ، وهو قابل للأخذ والرد والتمحيص والتحوير والاستبدال ، واصلاحه ممكن بالعقل وبتطور الزمان ومناسبة المكان.
فإن عرضت الشرائع لشئ من ذلك فعلى سبيل المثال وذكر نعمة في خلقه ورحمته بهم بأرضه وسمائه ورياحه وسحبه وأمطاره ، ولا يضيرها في ضرب هذه الأمثال أن تقر بها لعقول الناس وتفكير العقلاء .
( هذا تمهيد أول ).
( الثاني ) يظهر للمتأمل في مخلوقات الله تعالى أن لكل حادث منها أسباباً مادية يتلمسها الباحثون ويقفون على كثير منها ظناً وتخميناً ، أو قطعاً ويقيناً ، وأن لهذه الحوادث أسباباً غيبية وعللاً روحية أشارت إليها الديانات ولوحت إليها كتب السماء . وسيأتي شئ من الأمثلة الآتية توضيح لذلك .
وجل هم الباحثين في العلوم العصرية والتجارب المعيشية التعرف إلى الأسباب المادية ، وربطها بمسبباتها وما يقوي ذلك أ يضعفه .
و أما رسل الله الكرام فمطمع نظرهم وجل توجههم إلى الأسباب الغيبية والتدبير الآلهي للأسباب والمسببات والراسخون في العلم من يؤمنون بما جاءت به الأنبياء وينتفعون بما أثبتته التجارب وبحوث الباحثين ، جامعيين بين الإيمان والانتفاع بثمرات العقول ونتائج الأبحاث الصحيحة ، والأمثلة الآتية توضيح وتفريغ للتمهيدين السابقين ، وإزالة لشبهة تعارض الدين والمباحث العصرية .
(1) مسألة خلق آدم أبي البشر من تراب أثبتتها شرائع الله في التوراة والإنجيل والقرآن بما لا يحتمل الشك أو الجدل .
وبحث باحثون على رأسهم دارون الإنكليزي أن الحياة متسلسل بعضها من بعض من الأدنى إلى الأرقى ، وأن البشر تسلسلوا من سلسلة حيوانية أدنى منهم وأرقى من القردة ،

الصفحة 388