كتاب التنكيل - دار المعارف (اسم الجزء: 2)

والمسألة نظرية تخمينية لا تزال في بوتقة البحث والتمحيص ، لم تصعد سلماً من سلالم القطع والمشاهدة ، فنلدع باحثيها في شغلهم بها ويسلم لنا الدين بلا معارض ولا منازع . والعجب من قوم منا فتنتهم هذه الفكرة التخمينية فأخذوا يؤولون نصوص الكتاب العزيز ليخضعوه إليها .و نبرأ إلى الله تعالى من ذلك .
( 2 ) مسألة النيل والفرات جاء في حديث ( الصحيحين ) أنهما ينبعان من أصل شجرة المنتهى فوق السماء السابعة ، والمعروف عند الناس اليوم أن النيل يخرج من بلاد الحبشة أمطارها وبحيراتها إلى السودان إلى مصر - والفرات من جبال أرمينيا إلى العراق .
فذهب قوم كابن حزم الظاهري إلى حل المسألة باشتراك الاسمين أي أن الجنة نهرين أسمهما النيل والفرات ، ينبعان من أصل سدرة المنتهى ، وأنهما غير النيل والفرات اللذين في الدنيا ، و[ وأنهما ] وإن اشتركا معهما في الاسم فالمسميان متغايران .
وذهب الآخرون كالنووي وغيره إلى المجاز والتشبيه ، وإن النيل والفرات يشبهان أنهار الجنة في النماء والبركة والعذوبة .
وعندي أنه لا بأس بحل المسألة بتطبيق التمهيد الثاني المتقدم آنفاً وإن ما جاء في الحديث في نبه النيل والفرات من أصل سدرة المنتهى نظر إلى السبب الغيبي الروحاني ، وأن نبعها مما هو معروف لدى الناس الآن هو السبب الحسي المادي .
فإن أعجبك التوجيه ، وإلا فأنت في حل منه ، وإنما هو جهد المقل ، وحاول الجمع بين الإيمان المعقول ، والمعقول الذي لا يشوش الإيمان .
(3) مسألة الخسوف والكسوف - ثبت لدى علماء الفلك وأقره المحققون من علماء الدين كالغزالي والرازي وشيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم إن خسوف القمر لاحتجاب نور الشمس عنه بظل الأرض ، وكسوف الشمس لاحتجاب نورها عنا بتوسط جرم القمر .

الصفحة 389