كتاب التنكيل - دار المعارف (اسم الجزء: 2)

وفي رواية عن عكرمة عن ابن عباس عند أحمد ج1ص305 ذكر قصة اليهودية التي وضعت السم في الطعام النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا وجد من ذلك شيئاً احتجم، قال: فسافر مرة فلما أحرم وجد من ذلك شيئاً فاحتجم)). وقد أجاب ابن خزيمة عن هذا الحديث بلأن للمسافر إذا أصبح صائماً ثم بدا له أثناء النهار أن يفطر، وحاصل الجواب انه - صلى الله عليه وسلم - أصبح في سفرة صائماً ثم لما هاج به الوجع احتجم فأفطر، وكأن ابن عباس لم يكن قد بلغه أن الحجامة تفطر الصائم احتج بالقصة على حسب ظنه. وهذا كما سمع أسامة يحدث بحديث: ((لاربا إلا في النسيئة)) ولم يثبت عنده حديث:
((لا تبيعوا الذهب مع بالذهب ولا الورق بالورق إلا وزناً بوزن مثلاً يداً بيد)) فكان يفتي بحل ذهب بالذهب مع التفاصيل نقداً وكذا الفضة بالفضة، ثم جاء أن بعض الصحابة أخبره بالحديث الاخر فرجع (1).
وكما أخبره أسامة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل الكعبة فلم يصلي فيها، فكان يفتي بذلك،وقد صح عن بلال أنه دحل مع النبي - صلى الله عليه وسلم - الكعبة، وأنه صلى بين العمودين المقدمين،وكما كان يرى أن لا قراء في السرية، ويذكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يقرأ فيها، فقيل له: لعله كان يقرأ في نفسه، فغضب. وقد اثبت غير القراءة بما لا تبقى معه شبهه. وأمثال هذا كثير ممال يحتج به الصحأبي على حسب ظنه ويتبين أن ظنه كان خطأ. وقد روي عطاء ذاك الحديث عن ابن عباس ثم ذهب إلى الافطار كما مر.
فإن قيل:لو كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أفطر بالحجامة لكان الظاهر أن يبين ذلك للناس؟
قلت: يجاب ان النبي - صلى الله عليه وسلم - اكتفى بما سبق منه من بيان أنه يفطر الحاجم والمحجوم،ومن بيان أن الصائم في السفر يحل له الأفطار.
فإن قيل: فقد جاء عن أبي سعيد الخدري وعن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رخص في الحجامة للصائم.
__________
(1) ثبت ذلك عن ابن عباس من طريق،وقد خرجتها في ((إرواء الغليل)) (1326). ن

الصفحة 40