كتاب التنكيل - دار المعارف (اسم الجزء: 2)

قلت: في صحة ذلك عنهما كما ترى في (فتح الباري)،ولو صح أمكن أن يكون مرادهما بالترخيص ما ذكره ابن عباس من احتجامه - صلى الله عليه وسلم - وهو صائم في سفره، وقد مر ما فيه. وأما التأويل بصرف النص عن ظاهره فلا مسوغ له. والله أعلم (1).
__________
(1): لاشك أن التاويل المذكور لا مسوغ له، ولكنى أرى ان الجواب الصحيح هو أن الحديث منسوخ بنص حديثي أبي سعيد وأنس المذكورين، فأنهما حديثان صحيحان، له عن أبي سعيد طريقان، أحدهما صحيح، وعن أنس ثلاث طرق أحدهما صحيح أيضا،وأما الكلام الذي أحال المصنف فيه على ((الفتح)) فليس فيه ما يمكن أن يكون علة في الحديث لا سيما إذا نظر إليه من جميع طرقه، فغن كثرة الطرق الحديث تدل أن له اصلا. فكيف إذا كان بعض مفرداتها صحيحاً في نفسه،وليس هذا مجال شرح ذلك،ومحله في ((إرواء التغليل)) (913)،ولكن لابأس من الإشارة إلى شيء من كلام الحافظ رحمه الله مع التعليق الموجز عليه قال في بعض طرق أنس:
((ورواته كلهم من رجال البخاري، إلا أن في المتن ما ينكرلأن فيهأن ذلك كان في الفتح،
وجعفر قتل قبل ذلك)).
قلت: وهذا سهو من الحافظ رحمه الله، فغنه ليس في الحديث ذكر للفتح اصلاً، وعليه فالحديث صحيح لا نكاررة فيه، والعجيب أن الحافظ ادعي ما سبق بعد أن ذكر الحديث بدون ذكرالفتح وهذا لفظه: ((أخرجه الدار قطني ولفظه ((أول ما كرهت الحجامة للصائم أن جعفر بن أبي طالب احتجم وهو صائم فمر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: أفطر هذان، ثم رخص النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد في لحجامة للصائم،وكان أنس يحتجم وهو صائم. رواته كلهم ثقات ... )) وهكذا هو عند الدار قطني في ((سننه)) (ص239).
وإذا عرفت هذا اللفظ الصريح في النسخ يتبين لك أن قول المؤلف رحمه الله: ((ولو صح امكن أن يكون مرادهما بالترخيص ما ذكره ابن عباس ...

الصفحة 41