كتاب التنكيل - دار المعارف (اسم الجزء: 2)

الرابعة: أن أباحنيفة روي ذلك عن حماد، مع أنه لا ذكر لحماد في الحكاية.
الخامسة: أن ذلك أثر، مع أن الأستاذ نقم نحو ذلك في (الترحيب) ص 28 فقال: ((وإطلاق الأثر على مالم يؤثر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه رضي الله عنهم في دين الله شيء مبتكر في سبيل تقوية الخبر الزائف من هذا الناقد الصالح!)). السادسة: أن 'براهيم النخعي لم يكن يستنبط ولا يقيس وإنما كان يقول ما يرويه بنصه، والأستاذ يعلم أن المتواتر عن إبراهيم خلاف ذلك، غاية الأمر أنه يسوغ أن يقال: إنه لم يكن يفتي برأيه المحض، وإنما كان يستنبط من المرويات ويقيس عليها فيكون عرضه للخطأ كغيره.
السابعة: أن تلك المرويات التي كان إبراهيم لا يتعدي منصوصهاً لا تشمل أقول من قلبه من التعابعين ولا الصحابة وإنما هي النصوص النبوية فتكون أقول إبراهيم وفتاواه كلها كلها مراسيل أرسلها عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
الثامنة: أن ذلك حجة. ولا أطيل بمناقشة الأستاذ في هذه المزاعم،وقد رجع هو عن الثلاث الأخير بقوله: ((يريدان إشعار أهل زمانهما المبالغ فيه ... )) ومع ذلك فهذه دعوى جديدة، والظاهر الواضح من قول القائل: ((الإشعار مثله)) الحكم على الإشعار مطلقاً ولو أراد ما زعمه الأستاذ لقال: ((لمبالغة في الأشعار مثلة)) أو نحو ذلك. فأما إبراهيم فلم يثبت ذاك القول عنه، فلا ضرورة إلى الاعتذار عنه بعذر، إن دفع الملامة من جهة، أوقع فيها من جهتين:
الأولى: الاطلاق الموهم للباطل.
الثانية: أتهامه جميح أهل زمانه وفيهم بقايا الصحابة والتابعون بالاطباق على مالا يجوز حتى استساغ أن يطلق ولا بفصل. وأما أبو حنيفة فقد اعتذر عنه الطحاوي بقوله: ((إنما كره ما يفعل على وجه يخاف منه هلاك البدن ... فأراد سد هذا الباب عن العامة لأنهم لا يراعون لاحدّ في ذلك،وأما من كان عارفاً بالسنة فى ذلك فلا)).
والمقصود هنا إثبات أن الاشعار سنة وذلك حاصل على كل حال.

الصفحة 43