كتاب التنكيل - دار المعارف (اسم الجزء: 2)

المسألة الخامسة المحرم لا يجد إزارا أو نعلين السراويل والخف ولا فدية عليه
في (تاريخ بغداد) 13/ 392 من طريق حماد بن زيد قال: ((شهدت أبا حنيفة رسئل عن محرم لم يجد إزاراً فلبس سراويل، قال: عليه الفدية، قلت: سبحان الله ... ... )) قال الأستاذ ص 94: ((فهذان إنما أبيحا لعذر كمن به أذى في رأسه فلا تحول هذه الإباحة دون وجوب الفدية كمن في رأسه أذي فلَبس، على ما في القرآن الكريم، وليس في الأحاديث ما يصرح بسقوط الفدية عن المعذور.
أقول: الذي في القرآن هو قول الله تبارك وتعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} - 196. فالذي في الآية الحلق، فقولالأستاذ ((فلبس، على ما في القران الكريم)) لا وجه له اللهم إلا أن يريد: قياساً على ما في القرآن ففي عبارته تلبيس ومع ذلك ففي صحة القياس نظر لتوقفها على عدم الاحرام - أعني التحلل - كما جعل السلام علماً على الخروج من الصلاة،والسلام من خطاب الناس وهو أشد منافاة للصلاة من غيره بدليل أنه لا يجوز منه في الصلاة قليل ولا كثير حتى في حال القتال، وإن احتاج إليه لاستغاثة مثلاً بخلاف الحركة مثلاً فإنها وإن كانت منافية للصلاة أيضاً إلا أنه لا يجوز القليل منها مطلقاً ويجوز الكثير في صلاة الخوف، فالتشديد في الحلق لايستلزم التشديد فيما هو أخف منه. فإن كان هناك إجماع على وجوب الفدية على من احتاج إلى لبس عمامة لمرض مثلاً فلا يقاس عليه لبس فاقد الإزار للسراريل، وفاقد النعلين للخفين، لأن ستر الرأس غير المطلوب شرعاً كطلب ستر العورة ووقاية الرجلين مما قد يمنع من استطاعة المشيء إلى الحج وأد. أعماله،والتشديد في الأول لا يستلزم التشديد في الثاني. فأما قياس لبس السراويل والخفين على الحلق المنصوص في القرآن فأبعد عن الصحة لا جتماع الفارقين معاً.
فإن قيل: أرأيت إذا تمكن فاقد الازار من فتق السراويل وتلفيقه بالخياطة حتى يكون

الصفحة 44