كتاب التنكيل - دار المعارف (اسم الجزء: 2)

في المجلس فلا يبادر إلى الفسخ ويرى من حسن الأدب والعشرة أن يقول له : ((أقلني )) ليكون الفسخ برضاهما فإنه أطيب للنفوس .
قال الكوثري : (( على أن لحديث إذا حمل على الخيار الرجوع بمعنى ان البائع والمشترى إذا أوجب فله حق الرجوع قبل قبول الآخر في المجلس فيزول خيار الرجوع من الموجب بائعاً كان أو مشترياً بقبول الآخر قبل انقطاع المجلس ، فهذا المعنى يكون غير مخالف لكتاب الله تعالى )) .
أقول : قد علمت أن الحديث بالمعنى الواضح من إثبات خيار المجلس لكل من المتبايعينبعد تبايعهما غير مخالف لكتاب الله تعالى ، وأما هذا المعنى الذي ذكره الكوثري فالحديث غير محتمل له كما يأتي ، ولو احتمله وحمل عليه لبقى ما في القرآن في معنى المجمل لأن أحدهما ((بعت)) وقول الآخر فوراً : (( اشتريت )) لا يتضح به التراضي المشروط في القرآن لاحتمال الهزل وسبق اللسان والاستعجال كما مر .
ثم حاول الأستاذ تقريب احتمال الحديث للمعنى الذي زعمه فقال : (( وعلى هذا التقدير يكون لفظ (( المتبايعين )) حقيقة ، إذ هذا اللفظ محمول على حال العقد في تقديرنا، وحمله على مابعد صدور كلمتي المتعاقدين يجعله مجازاً كونياً . وفائدة الحديث أن خيار الرجوع ثابت لهما مادام أحدهما أوجب ولم يقبل الآخر في المجلس لاكا لخلع على مال والعتق على مال ، لأنه ليس المزوج ولا المولى الرجوع فيهما قبل قبول المرأة
والعبد )).
أقول : فللمجيء إلى الفرارإلى هذا القول أن تأويل قدماء الحنيفة (( المتبايعان )) بالمتساومين والتفرق بالايجاب والقبول أبطل بوجوه ،منها أنه أخرج للَّفظ عن حقيقة بلا حجة ،ومنها أن الحديث يبقى بلا فائدة إذ لا يجهل أحد أن التساوم لا يلزم به شيء . وستعلم أن هذا الفار كالمستجير من الرمضاء بالنار .
قوله : (( يجعله مجازاً كونياً تفسيره أن من الأصول المقررة أن المشتق يصدق على المةصوف حقيقة حين وجود المعنى المشتق منه ، فإن لم يكن فىخر جزء منه ، فأما قبل حصوله فمجاز كوني أي باعتبار ما سيكون ،واختلف فيما بعد زواله فقيل حقيقة ، وقيل مجاز كوني

الصفحة 51