كتاب التنكيل - دار المعارف (اسم الجزء: 2)

أي باعتبار ما كان . فأقول الأصل يقضي بأنه لا يصدق حقيقة على الإنسان لفظ (( بائع)) إلا حين وجود البيع حقيقة ،وإنما يكون ذلك عند آخر حرف من الصغة المتأخر ،والحديث يثبت أن لكل منهما حينئذ الخيار ويستمر إلى أن يتفرقا ،وهذا قولنا . وأوضح من ذلك أن الذي الحديث (( المتبايعان )) والتفاعل إنما يوجد عند وجود فعل الثاني، ألا تراك إذا ضربت رجلاً أنه لا يصدق أنه لا يصدق عليكما (( متضاربان )) ولا عليك أنك احد الضاربين ، وإنما يصدق ذلك إذا عقب ذلك ضربه لك فحينما تصيبك ضربته يوجد التضارب حقيقة فيصدق عليكما أنمكما متضاربان وأنك أحد المتضاربين . فإن قلت : كيف وقد زال فعلى ؟ قلت : الزائل هو ضربك والفعل المشتق منه هنا هو التضارب وهو الفعل واحد ضربك جزء منه والجزء لا يشترط بقاؤه ولا يضر زواله ، ألا ترى أنه لا يصدق حقيقة على من يتكلم أنه (( متكلم )) عند آخر حرف من كلامه مع أن كثير الحروف قد زالت ؟ فإنما يصدق حقيقة على المتبايعين أنهما (( متبايعان )) عند آخر حرف من صيغة المتأخر منهما وحينئذ يثبت لهما بحكم الحديث الخيار مستمراً أن يتفرقا ، وهذا قولنا .
ووجه ثالث وهو أن الحديث كما في (الموطأ) و(الصحيحين ) يثبت أن (( لكل واحد منهما الخيار حتى يتفرقا)) فهو ثابت للمتأخر قطعاً يثبت له آخر حرف من صيغته مستمراً إلى أن يتفرقا ، ولا قائل بأنه يثبت للمتأخر دون المتقدم فثبت له عند آخر حرف من صيغة الثاني مستمراً إلى أن يتفرقاً ،وهو قولنا . ولو قال المحتسب للعون وهو يرى رجلاً يضرب آخر : أمسك الضارب حتى تحضره عند الحاكم لكانت كلمة (( الضارب )) حقيقة لحكم بالإمساك مستمراً إلى غايته ، وإن كانت الضرب ينقطع قلبها ، وهكذا في السارق والزاني وغير ذلك ، فقد اتضح أن قولنا مبني على حقيقة ،وضل سعي الأستاذ في زعمك أنه يكون مجازاً ، فأما القولالذى اختاره فلا يحتمله الحديث حقيقة ولا مجازاً . فأما قولهخ: (( وفائدة الحديث ... .)) فمبنى على القول الذي قد فرغنا منه ، ومع ذلك فالحديث أثبت الخيار لكل واحدٍ من المتبايعين ، وصيغة الموجب للبيع لا يتضمنمالا يحتاج إلى قبول بخلاف موجب الخلع أو العتق على مال فإن اجابه يتضمن الطلاق أو العتق ، فإيجابه في معنى تعليق

الصفحة 52