كتاب التنكيل - دار المعارف (اسم الجزء: 2)

قتله، ولا يقال قتله يوم السبت ولايوم الجمعة بل يقال جرحه يوم السبت فمات يوم الجمعة. فقوله تعالى في الآية: [ثم طلقتموهن] يقتضي تأخير الأمرين معاً: قول الرجلوانحلال العقدة. ويؤيده أمرين:
الأول: قوله: [ثم طلقتموهن] وكلمة ((ثم)) تقتضي المهلة، وإذا كان الطلاق معلقاً بالنكاح، وقلنا إنه يقع وقع بلا مهلة.
الثاني: قوله: [وسرحوهن سراحاً جميلاً] والتسريح هنا إرجاعها إلى أهلها وإنما يكون ذلك إذا كانت قد زفت إليه، ومن كان معلوماً أنه بنكاحه يقع طلاقه فمتى تزف إليه المرأة حتى يقال له: سرحها سراحاً جميلاً؟
وأما الحديث فاحتج به جماعة من المتقدمين على عدم الوقوع، وتأوله بعضهم بما ذكر الاستاذ، وأقول: إن كان لفظ ((طلاق)) فيه اسماً من التطبق كالكلام من التكلم سقط التأويل كما يعلم مما مر، وإن كان مصدر قولنا ((طَلَقَتِ المرأةُ)) كان للتأْويل مساغ، والأول هو الأكثر والأشهر في الاستعمال، وقد دفع التأويل بأنه لا يجهل أحد أن المرأة لا تطلق ممن ليس لها بزوج فحمل الحديث على هذا النفي يجعله خلوا عن الفائدة.
وأما النظر فلا ريب أن الله تبارك وتعالى وإنما شرع النكاح والطلاق لمقاصد عظيمة، وأن مثل ذلك الطلاق لا يحتمل أن يحصل به مقصد شرعي، وهو مضاد لشرع النكاح.
وبعد فإذا لم يثبت عن السلف قبل أبي حنيفة إلا قولان، وأحدهما تدفعه الأدلة المذكورة وهو ضعيف في القياس، تعين القول الآخر وهو مذهب على وابن عباس ثم مذهب الشافعي وأحمد. والله الموفق (1).
__________
(1): بقى على المؤلف رجمه الله شيء مما زعمهع الكوثري لم يتعقبه، وهو حقيق بذلك وهو قوله: ((إن الأحاديث في الباب لا تخلو عن اضطراب)). فهذا القول على إطلاقه باطل، وأما أظن يخفي بطلانه حي على الكوثري نفسه! فإن في الباب أحاديث كثيرة منها خالية عن أي اضطرب أو علة قادحة، وأحدها: حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، ومن طريق عنه عند أبي داود والترمذى وحسنه. والثاني: عن جابرعند لطيالسي والحاكم وصححه عل شرط الشيخين ووافقه الذهبي، وهو كما قالا.
والثالث: عن المسور بن مخزمة، أخرجه ابن ماجه بسند حسن كما قال الحافظ ابن حجر، والحافظ البوصيرى. وهذه الأحاديث وغيرها مخرجة في ((إرواء الغليل)) رقم (213041778).ن

الصفحة 62