كتاب التنكيل - دار المعارف (اسم الجزء: 2)

يتجه تقديم الأولى للان المتكلم كما يتكلم بالحقيقة فكذلك يتكلم بالمجاز ، والمخطئ كما يخطئ من الحقيقة إلى المجاز ، فكذلك عكسه ، بل احتمله أقرب ، لأن أغلب ما يكون الخطأ بالحمل على المألوف ،وغالب كا يقع من التصحيف كذلك ، فقد رأيت مالا أحصيه اسم (( زَبر )) مصحفاً إلى (( أنس )) واسم (( سعر )) مصحفاً إلى (( سعد)) ولا أذكر أننى رأيت عكس هذا . قال الشاعر :
فمن يك سائلا عني فإني من الفتيان أيام الخُنان
وقال الآخر :
كساك ولم تستكسه فحمدته أخ لك يعطيك الجزيل وياصر
فصحف الناس قافيتى هذين البيتين إلى (( الختان . ناصر )) وأمثال هذا كثيرة لا يخفى على من له إلمام.
وهكذا الخطاء في الأسانيد أغلب ما يقع بسلوك الجادة ، فهشام بن عروة غالب روايته عن أبيه عن عائيشة ،وقد يروى عن وهب بن كيسان عن عبيد بن عمير فقد يسمع رجل من هشام خبراً بالسند الثاني ثم مضي على السامع زمان فيشبه عليه فيتوهم أنه سمع ذاك الخبر من هشام بالسند الأول على ما هو الغالب المألوف ، ولذلك تجد أئمة الحديث إذا وجدوا راويين اختلفا بأن رويا عن هشام خبراً واحداً جعله أحدهما عن هشام عن وهب عن عبيد ،وجعله الآخر عن هشام عن أبيه عن عائشة ، فالغالب أن يقدموا الأول ويخطؤوا الثاني ، هذا مثال ومن راجع كتب علل الحديث وجد من هذا مالا يحصى.
هب أن الحقيقة تقدم على المجاز في الروايتين المتنافيتين فإنما لا يبعدذلك جداً حيث لا يوجد للرواية الأخرى مرجح قوي ، ليس الأمر ها هنا كذلك بل من تتبع الروايات وجد الأمر بغاية الوضوح .وشرح ذلك أن الحنيفة يتشبثون بأربعة أشياء :
أولها : حديث مجمع ، والجوابعنه أنه من رواية مجمع بن يعقوب بن مجمع عن أبيه بسنده وفي ( سنن لبيهقي ) ج6ص325 ان الشافعي قال : (( مجمع بن يعقوب شيخ لا يعرف )) . أقول : أما مجمع فمعروف لا بأس به ، فلعل الشافعي أراد أباه يعقوب بن مجمع ففي ( نصب

الصفحة 67