كتاب التنكيل - دار المعارف (اسم الجزء: 2)

اليد،ولم يعتبروا وقوع الحركة إنما ذكروها لمعرفة قدر المساحة، سواء في الحكم عندهم أكان الماء عند وقوع النجاسة وبعدها ساكناً أم تحرك،وقالوا: إذا كان بالمساحة المشروطة فللمحتاج أن يغتسل النجاسة وإن لم يكن قد تحرك! وقالوا: إذا كانت مساحة وجه الماء تساوى القدر المشروط كفى وإن كان دقيقاً كأن يكون طوله مائة ذراع وعرضه ذراعاً! وقال محققهم ابن الهمام في ترجيح الرواية الأولى: ((هو الأليق بأصل أبي حنيفة أعنى عدم التحكم بتقدير فيما لم يرد فيه تقدير شرعي فيما لم يرد فيه تقدير شرعي)).
أقول: والرواية الأولى فيها تحكم، والبول مثلاً إذا وقع في لماء ثم تحرك الماء خلصت ذرات البول إلى جميع الماء كما تشاهد إذا صببت قارورة مداد في حوض فقد يظهر لون مداد في الماء واضحاً، وقد يظهر بتأمل،وقد لا يظهر ذلك بسب اختلاف قدر الماء وقدر المداد وقدر لونه،وعلى كل حال فالخلوص محقق، وإنما لا يظهر اللون لتفرق الذرات، وظنون الناس لا ترجع غالباً إلى دلالة وإنما ترجع إلى طبائعهم، فمنهم متقزز ينفر عن حوض كبير إذا رأى إنساناً واحداً عشرة بال فيه وآخر لا ينفر،ولكن لوا رأى ثلاثة بالوافية لنفر، وثالث لا ينفر ولو رأى عشرة بالوا فيه.وإذا جردت الرواية الأولى عن التحكم،لم يكد يتحصل منها إلا أن إلا قائلها وكل الناس طباعهم،وفي عد هذا قولاً ومذهبا ًونظر. وقد حكى الحنيفة محمد بن الحسن كان يقول: بعشر في عشر،ثم رجع وقال: ((لا أوقت شيئاً)) وعقد الشافعي لهذه المسألة باباً طويلاً تراه في الكتاب (اختلاف الحديث) بهامش (الأم) ج7ص105 - 125وذكر أنه أنه ثاظر بعضهم،والظاهر أنه محمد بن الحسن،وفي المناظرة: ((قال قد سمعت قولك في الماء)) فلو قلت لا ينجس الماء بحال للقياس على ما وصفت أن الماء يزيل الأنجاس كان قولاً لا يستطيع أحدُ رده ... ... قلت. لا ينجس إلا أن لا ينجس شيء من الماء إلا بأن يتغير ... ... أو ينجس كله بكلما خالطه؟ قال: ما يستقيم في لقياس إلى هذا، ولكن لا قياس مع خلاف خبر لازم. قلت: فقد خالفت الخبر اللازم ولم تقل معقولاً ولم تقس)) وقال في موضع آخر: ((فقال: لقد سمعت أبا يوسف يقول: قول الحجازيين

الصفحة 8