كتاب التنكيل - دار المعارف (اسم الجزء: 2)

فإن قيل عدم استفصال النبي - صلى الله عليه وسلم - يدل على أن القتل بمثل ذلك شبه عمد على كل حال، قلت : لم يذكر في شيء من الروايات اختلاف من الخصمين في القتل أعمد أم شبه العمد ؟ ولا فغي موجبة بل تقدم في رواية أبي المليح عن حمل (( فقال حمل لعمران بن عويمر ( أخي القاتلة ) أد إلى عقل أمرأتي فأبى فترافعا )) في روايته عن أبيه (( فقال عمران يانبي الله لها ابنين هما سادة الحي وهم احق أن أن يعقل عن أمهم )) . فقد اتفق الخصمان فبل الترافع وبعده على أن في القتل دية على العاقلة ،وإنما اختلفا في العاقلة التي تلزمها الدية في الواقعة الأخ أم الا بنان ؟ ومعنى ذلك اتفاقهما على أن القتل شبه عمد . وافرض أن خصمين ترافعا إلى قاض فقال أحدهما إن اخت هذا قتلتن أختي شبه عمد وهو عاقلتها فأطالبه بالدية ، فقال الآخر : قد صدق ولكن للقاتلة بنون وهم أحق أن يفعلوا عن أمهم. ألا ترى أنه لا حاجة بالقاضي إلى السؤال عن صفة القتل ، لتصادق الخصمين على أنه شبه عمد ، وإنما اختلفا في غيره ؟
قول الأستاذ : (( وقد أعل أبو حنيفة حديث الرضخ كما سيأتي )) .
أقول في ( تاريخ بغداد ) 13/387 من طريق (( بشر بن مفضل قال : قلت لأبي حنيفة .... قتادة عن أنس أن يهودياً رضخ رأس جارية بين حجرين فرضخ النبي - صلى الله عليه وسلم - رأسه بين حجرين . قال هذيان )) . فهل هذا إعلال ؟ ! قال الأستاذ ص 80 : وأما حديث الرضخ فمروي عن أنس بطرلايق هشام بن زيد ، وأبي قلابة عنعنة ، وفيه القتل بقول المقتول من غير بينة ، وهذا غير معروف في الشرع ، وفي رواية قتادة عن أنس إقرار القاتل لكن عنعنة قتادة متكلم فيها(1) . ثم راح يتكلم في أنس رضي الله عنه .
أقول : أما هشام فهو هشام بن زيد بن أنس بن مالك وحديثه هذا عن جدة في (الصحيحين) وغيرهما ، وهشام غير مدلس وسماعة من جده أنس ثابت ،ومع ذلك فالراوي عنه شعبة ومن عادته التحفظ من رواية ما يخشى فيه التدليس ، وحديثه هذا في (الصحيحين) .
__________
(1) قلت : قد صرح قتادة بالتحديث كما بينه المؤلف فيما يأتي ، فهل ذلك الكوثري أم تجاهل ؟ أغلب الظن الثاني ، وعلى كل حال ، فهو كما قال الشاعر :
فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم . ن

الصفحة 88