كتاب الطبقات الكبرى ط دار صادر (اسم الجزء: 2)

وَمَعَهُمْ أَفْرَاسٌ وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَأَصَابُوا رَجُلًا مِنْهُمْ بِذِي الْقَصَّةِ يُقَالُ لَهُ جُبَارٌ مِنْ بَنِي ثَعْلَبَةَ، فَأُدْخِلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ مِنْ خَبَرِهِمْ وَقَالَ: لَنْ يُلَاقُوكَ لَوْ سَمِعُوا بِمَسِيرِكَ هَرَبُوا فِي رُؤوسِ الْجِبَالِ وَأَنَا سَائِرٌ مَعَكَ فَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم إِلَى الْإِسْلَامِ. فَأَسْلَمَ وَضَمَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم إِلَى بِلَالٍ وَلَمْ يُلَاقِ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم أَحَدًا إِلَّا أَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ فِي رُؤُوسِ الْجِبَالِ. وَأَصَابَ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم وَأَصْحَابَهُ مَطَرٌ، فَنَزَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم ثَوْبَيْهِ، وَنَشَرَهُمَا لِيَجِفَّا وَأَلْقَاهُمَا عَلَى شَجَرَةٍ وَاضْطَجَعَ، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْعَدُوِّ يُقَالُ لَهُ دُعْثُورُ بْنُ الْحَارِثِ وَمَعَهُ سَيْفٌ حَتَّى قَامَ عَلَى رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم ثُمَّ قَالَ: مَنْ يَمْنَعْكَ مِنِّي الْيَوْمَ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم: اللَّهُ وَدَفَعَ جِبْرِيلُ فِي صَدْرِهِ فَوَقَعَ السَّيْفُ مِنْ يَدِهِ فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم وَقَالَ لَهُ مَنْ يَمْنَعْكَ مِنِّي قَالَ: لَا أَحَدَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ثُمَّ أَتَى قَوْمَهُ فَجَعَلَ يَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ وَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِيهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ} (الْآيَةَ) ثُمَّ أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَةِ وَلَمْ يَلْقَ كَيْدًا وَكَانَتْ غَيْبَتُهُ إِحْدَى عَشْرَةَ لَيْلَةً.
§غَزْوَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم بَنِي سُلَيْمٍ ثُمَّ غَزْوَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم بَنِي سُلَيْمٍ بِبَحْرَانَ لِسِتٍّ خَلَوْنَ مِنْ جُمَادَى الْأُولَى عَلَى رَأْسِ سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ شَهْرًا مِنْ مُهَاجَرِهِ وَبِحَرَّانَ بِنَاحِيَةِ الْفُرُعِ وَبَيْنَ الْفُرُعِ وَالْمَدِينَةِ ثَمَانِيَةُ بُرُدٍ، وَذَلِكَ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ بِهَا جَمْعًا مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ كَثِيرًا فَخَرَجَ فِي ثَلَاثِمِائَةِ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ -[36]- ابْنَ أُمِّ الْمَكْتُومِ، وَأَغَذَّ السَّيْرَ حَتَّى وَرَدَ بِحَرَّانَ فَوَجَدَهُمْ قَدْ تَفَرَّقُوا فِي مِيَاهِهِمْ فَرَجَعَ وَلَمْ يَلْقَ كَيْدًا، وَكَانَتْ غَيْبَتُهُ عَشْرَ لَيَالٍ.

الصفحة 35