كتاب الطبقات الكبرى ط دار صادر (اسم الجزء: 2)

قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ بِعِلْمِهِ لَمْ يُؤْثَرْ عَنْهُ بِشَيْءٍ وَلَمْ يُحْتَجْ إِلَيْهِ لِكَثْرَةِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم. شَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم تَبُوكًا وَهِيَ آخِرُ غَزَاةٍ. غَزَاهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ثَلَاثُونَ أَلْفَ رَجُلٍ، وَذَلِكَ سِوَى مَنْ قَدْ أَسْلَمَ وَأَقَامَ فِي بِلَادِهِ وَمَوْضِعِهِ لَمْ يَغْزُ، فَكَانُوا عِنْدَنَا أَكْثَرَ مِمَّنْ غَزَا مَعَهُ تَبُوكًا فَأَحْصَيْنَا مِنْهُمْ مَنْ أَمْكَنَنَا اسْمُهُ وَنَسَبُهُ وَعُلِمَ أَمْرُهُ فِي الْمَغَازِي وَالسَّرَايَا وَمَا ذُكِرَ مِنْ مَوْقِفٍ وَقَفَهُ، وَمَنِ اسْتُشْهِدَ مِنْهُمْ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم وَبَعْدَهُ وَمَنْ وَفْدَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم ثُمَّ رَجَعَ إِلَى بِلَادِ قَوْمِهِ، وَمَنْ رَوَى عَنْهُ الْحَدِيثَ مِمَّنْ قَدْ عُرِفَ نَسَبُهُ وَإِسْلَامُهُ، وَمَنْ لَمْ يُعْرَفْ مِنْهُمْ إِلَّا بِالْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم، وَمِنْهُمْ مَنْ قَدْ تَقَدَّمَ مَوْتُهُ قَبْلَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم وَلَهُ نَسَبٌ وَذِكْرٌ وَمَشْهَدٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَأَخَّرَ مَوْتُهُ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم وَهُمْ أَكْثَرُ فَمِنْهُمْ مَنْ حُفِظَ عَنْهُ مَا حَدَّثَ بِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم، وَمِنْهُمْ مَنْ أَفْتَى بِرَأْيِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُحَدِّثْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم شَيْئًا وَلَعَلَّهُ أَكْثَرُ لَهُ صُحْبَةً وَمُجَالَسَةً وَسَمَاعًا مِنَ الَّذِي حَدَّثَ عَنْهُ، وَلَكِنَّا حَمَلَنَا الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ مِنْهُمْ عَلَى التَّوَقِّي فِي الْحَدِيثِ أَوْ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُحْتَجْ إِلَيْهِ لِكَثْرَةِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم وَعَلَى الِاشْتِغَالِ بِالْعِبَادَةِ وَالْأَسْفَارِ فِي الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى مَضَوْا وَلَمْ يُحْفَظْ عَنْهُمْ عَنِ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلم شَيْءٌ. وَقَدْ أَحَاطَتِ الْمَعْرِفَةُ بِصُحْبَتِهِمْ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم وَلُقِيِّهِمْ إِيَّاهُ، وَلَيْسَ كُلُّهُمْ كَانَ يَلْزَمُ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلم، مِنْهُمْ مَنْ أَقَامَ مَعَهُ وَلَزِمَهُ وَشَهِدَ مَعَهُ الْمَشَاهِدَ كُلَّهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ قَدِمَ عَلَيْهِ فَرَآهُ ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى بِلَادِ قَوْمِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَقْدِمُ عَلَيْهِ الْفَيْنَةَ بَعْدَ الْفَيْنَةِ مِنْ مَنْزِلِهِ بِالْحِجَازِ وَغَيْرِهِ. وَقَدْ كَتَبْنَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم

الصفحة 377