كتاب الطبقات الكبرى ط دار صادر (اسم الجزء: 2)

أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَقُولُ: «§مَا كَانَ بِالْمَدِينَةِ عَالِمٌ إِلَّا يَأْتِينِي بِعِلْمِهِ وَأُوتَى بِمَا عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ»
أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَا يَقْضِي بِقَضَاءٍ حَتَّى يَسْأَلَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ إِنْسَانًا يَسْأَلُهُ فَدَعَاهُ فَجَاءَ حَتَّى دَخَلَ فَقَالَ عُمَرُ: «§أَخْطَأَ الرَّسُولُ إِنَّمَا أَرْسَلْنَاهُ يَسْأَلُكَ فِي مَجْلِسِكَ»
وَأُخْبِرْتُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بْنِ هَمَّامٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ، يَقُولُ: " §أَدْرَكْتُ مِنْ قُرَيْشٍ أَرْبَعَةَ بِحُورٍ: سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ وَعُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ وَأَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ "
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: كُنْتُ أُجَالِسَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ ثَعْلَبَةَ بْنِ صُعَيْرٍ الْعُذْرِيَّ أَتَعَلَّمَ مِنْهُ نَسَبَ قَوْمِي، فَأَتَاهُ رَجُلٌ جَاهِلٌ يَسْأَلُهُ عَنِ الْمُطَلَّقَةِ وَاحِدَةً ثِنْتَيْنِ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا رَجُلٌ وَدَخَلَ بِهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا عَلَى كَمْ تَرْجِعُ إِلَى زَوْجِهَا الْأَوَّلِ؟ قَالَ: " §لَا أَدْرِي، اذْهَبْ إِلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ، وَأَشَارَ لَهُ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: هَذَا أَقْدَمُ مِنْ سَعِيدٍ بِدَهْرٍ، أَخْبَرَنِي أَنَّهُ عَقَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم مُجَّ عَلَى وَجْهِهِ، فَقُمْتُ فَاتَّبَعْتُ السَّائِلَ حَتَّى سَأَلَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ فَلَزِمْتُ سَعِيدًا، فَكَانَ هُوَ الْغَالِبُ عَلَى عِلْمِ الْمَدِينَةِ وَالْمُسْتَفْتَى هُوَ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، وَكَانَ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ بَحْرٌ مِنَ الْبُحُورِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ فَمِثْلُ ذَلِكَ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَخَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَالْقَاسِمُ وَسَالِمٌ فَصَارَتِ الْفَتْوَى إِلَى هَؤُلَاءِ وَصَارَتْ مِنْ هَؤُلَاءِ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ -[383]- وَسُلَيْمَانِ بْنِ يَسَارٍ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَلَى كَفٍّ مِنَ الْقَاسِمِ عَنِ الْفَتْوَى إِلَّا أَنْ لَا يَجِدَ بُدًّا، وَكَانَ رِجَالٌ مِنْ أَشْبَاهِهِمْ وَأَسَنَّ مِنْهُمْ مِنْ أَبْنَاءِ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ أَدْرَكْتُ وَمَنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ كَثِيرٌ بِالْمَدِينَةِ يُسْأَلُونَ وَلَا يَنْصِبُونَ أَنْفُسَهُمْ هَيْئَةَ مَا صَنَعَ هَؤُلَاءِ، وَكَانَ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عِنْدَ النَّاسِ قَدْرٌ كَبِيرٌ عَظِيمٌ لِخِصَالِ وَرَعٍ يَابِسٍ وَنَزَاهَةٍ وَكَلَامٍ بِحَقٍّ عِنْدَ السُّلْطَانِ وَغَيْرِهِمْ وَمُجَانَبَةِ السُّلْطَانِ وَعِلْمٍ لَا يُشَاكِلُهُ عَلِمُ أَحَدٍ وَرَأْيٍ بَعْدُ صَلِيبٍ وَنِعْمَ الْعَوْنُ الرَّأْي الْجَيِّدُ، وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ رَحِمَهُ اللَّهُ مِنْ رَجُلٍ فِيهِ عَزَّةٌ لَا تَكَادُ تُرَاجَعُ إِلَّا إِلَى مَحَكٍّ، مَا اسْتَطَعْتُ أَنْ أُوَاجِهَهُ بِمَسْأَلَةٍ حَتَّى أَقُولَ: قَالَ فُلَانٌ كَذَا وَكَذَا وَقَالَ فُلَانٌ كَذَا وَكَذَا، فَيُجِيبُ حِينَئِذٍ "

الصفحة 382