كتاب الطبقات الكبرى ط دار صادر (اسم الجزء: 2)

فَكَانَ كُلَّمَا أُتِيَ بِشَهِيدٍ وُضِعَ إِلَى جَنْبِ حَمْزَةَ فَصَلَّى عَلَيْهِ وَعَلَى الشَّهِيدِ حَتَّى صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعِينَ مَرَّةً، وَقَدْ سَمِعْنَا مَنْ يَقُولُ: لَمْ يُصَلِّ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم عَلَى قَتْلَى أَحَدٍ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم: " احْفِرُوا وَأَعْمِقُوا وَأَوْسِعُوا وَقَدِّمُوا أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا، فَكَانَ مِمَّنْ نَعْرِفُ أَنَّهُ دُفِنَ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ، وَعَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ فِي قَبْرٍ، وَخَارِجَةُ بْنُ زَيْدٍ وَسَعْدُ بْنُ الرَّبِيعِ فِي قَبْرٍ، وَالنُّعْمَانُ بْنُ مَالِكٍ وَعَبْدَةُ بْنُ الْحَسْحَاسِ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ، فَكَانَ النَّاسُ أَوْ عَامَّتُهُمْ قَدْ حَمَلُوا قَتْلَاهُمْ إِلَى الْمَدِينَةِ فَدَفَنُوهُمْ فِي نَوَاحِيهَا فَنَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم: رُدُّوا الْقَتْلَى إِلَى مَضَاجِعِهِمْ فَأَدْرَكَ الْمُنَادِي رَجُلًا وَاحِدًا لَمْ يَكُنْ دُفِنَ فَرُدَّ وَهُوَ شَمَّاسُ بْنُ عُثْمَانَ الْمَخْزُومِيُّ. ثُمَّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ بِالْمَدِينَةِ، وَشَمَتَ ابْنُ أُبَيٍّ وَالْمُنَافِقُونَ بِمَا نِيلَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم فِي نَفْسِهِ وَأَصْحَابِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم: «لَنْ يَنَالُوا مِنَّا مِثْلَ هَذَا الْيَوْمِ حَتَّى نَسْتَلِمَ الرُّكْنَ» ، وَبَكَتِ الْأَنْصَارُ عَلَى قَتْلَاهُمْ فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم فَقَالَ: «لَكِنَّ حَمْزَةَ لَا بَوَاكِيَ لَهُ» ، فَجَاءَ نِسَاءُ الْأَنْصَارِ إِلَى بَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم فَبَكَيْنَ عَلَى حَمْزَةَ فَدَعَا لَهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم وَأَمَرَهُنَّ بِالِانْصِرَافِ فَهُنَّ إِلَى الْيَوْمِ إِذَا مَاتَ الْمَيِّتُ مِنَ الْأَنْصَارِ بَدَأَ النِّسَاءُ فَبَكَيْنَ عَلَى حَمْزَةَ ثُمَّ بَكَيْنَ عَلَى مَيِّتِهِنَّ.
أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: «§مَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ بِالْمُشْرِكِينَ وَكَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ يَوْمٍ مَكَرَ فِيهِ»
أَخْبَرَنَا هُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلم كُسِرَتْ رَبَاعِيَّتُهُ يَوْمَ أُحُدٍ وَشُجَّ فِي جَبْهَتِهِ حَتَّى سَالَ الدَّمُ عَلَى وَجْهِهِ صَلَوَاتُ اللَّهُ عَلَيْهِ وَرِضْوَانُهُ وَرَحْمَتُهُ وَبَرَكَاتُهُ. فَقَالَ -[45]-: «§كَيْفَ يُفْلِحُ قَوْمٌ فَعَلُوا هَذَا بِنَبِيِّهِمْ وَهُوَ يَدْعُوهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ» ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} [آل عمران: 128] "

الصفحة 44