كتاب الطبقات الكبرى ط دار صادر (اسم الجزء: 2)

وَجَاءَ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم خَبَرُ أَهْلِ بِئْرِ مَعُونَةَ وَجَاءَهُ تِلْكَ اللَّيْلَةِ أَيْضًا مُصَابُ خُبَيْبِ بْنِ عَدِيٍّ وَمَرْثَدِ بْنِ أَبِي مَرْثَدٍ وَبَعَثَ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم: «هَذَا عَمَلُ أَبِي بَرَاءٍ، قَدْ كُنْتُ لِهَذَا كَارِهًا» ، وَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم عَلَى قَتَلَتِهِمْ بَعْدَ الرَّكْعَةِ مِنَ الصُّبُحِ، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرٍ اللَّهُمَّ سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِبَنِي لِحْيَانَ وَعَضَلَ وَالْقَارَةَ وَزِغْبٍ وَرِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ فَإِنَّهُمْ عَصَوُا اللَّهَ وَرَسُولَهُ» . وَلَمْ يَجِدْ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم عَلَى قَتْلَى مَا وَجَدَ عَلَى قَتْلَى بِئْرِ مَعُونَةَ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ قُرْآنًا حَتَّى نُسِخَ بَعْدُ: «بَلِّغُوا قَوْمَنَا عَنَّا أَنَا لَقِينَا رَبَّنَا فَرَضِيَ عَنَّا وَرَضِينَا عَنْهُ» ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ اهْدِ بَنِي عَامِرٍ وَاطْلُبْ خُفْرَتِي مِنْ عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ» . وَأَقْبَلَ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ سَارَ أَرْبَعًا عَلَى رِجْلَيْهِ، فَلَمَّا كَانَ بِصُدُورِ قَنَاةٍ لَقِيَ رَجُلَيْنِ مِنْ بَنِي كِلَابٍ قَدْ كَانَ لَهُمَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم أَمَانٌ فَقَتَلَهُمَا وَهُوَ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ، ثُمَّ قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ بِمَقْتَلِ أَصْحَابِ بِئْرِ مَعُونَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم: «أُبْتَ مِنْ بَيْنِهِمْ» . وَأَخْبَرَ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلم بِقَتْلِ الْعَامِرِيَّيْنِ، فَقَالَ: «بِئْسَ مَا صَنَعْتَ قَدْ كَانَ لَهُمَا مِنِّي أَمَانٌ وَجِوَارٌ، لَأَدِيَنَّهُمَا فَبَعَثَ بِدِيَّتِهِمَا إِلَى قَوْمِهِمَا» .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ، أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: " أَنَّ رِعْلًا، وَذَكْوَانَ، وَعُصَيَّةَ، وَبَنِي لِحْيَانَ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم فَاسْتَمَدُّوهُ عَلَى قَوْمِهِمْ، §فَأَمَدَّهُمْ سَبْعِينَ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ وَكَانُوا يُدْعَوْنَ فِينَا الْقُرَّاءُ، كَانُوا يَخْطُبُونَ بِالنَّهَارِ وَيُصَلُّونَ بِاللَّيْلِ، فَلَمَّا بَلَغُوا بِئْرَ مَعُونَةَ غَدَرُوا بِهِمْ فَقَتَلُوهُمْ، فَبَلَغَ ذَلِكَ نَبِيَّ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم فَقَنَتَ شَهْرًا فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ يَدْعُو عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ وَبَنِي لِحْيَانَ. قَالَ: فَقَرَأْنَا بِهِمْ قُرْآنًا زَمَانًا ثُمَّ إِنَّ ذَلِكَ رُفِعَ أَوْ نُسِيَ: «بَلِّغُوا عَنَّا قَوْمَنَا أَنَّا لَقِينَا رَبَّنَا فَرَضِيَ عَنَّا وَأَرْضَانَا»

الصفحة 53