كتاب الطبقات الكبرى ط دار صادر (اسم الجزء: 2)

§سَرِيَّةُ مَرْثَدِ بْنِ أَبِي مَرْثَدٍ ثُمَّ سَرِيَّةُ مَرْثَدِ بْنِ أَبِي مَرْثَدٍ الْغَنَوِيِّ إِلَى الرَّجِيعِ فِي صَفَرٍ عَلَى رَأْسِ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ شَهْرًا مِنْ مُهَاجَرِ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَوْدِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ الظَّفَرِيِّ، وَأَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى الْأَشْجَعِيُّ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أُسَيْدِ بْنِ الْعَلَاءِ بْنِ جَارِيَةَ وَكَانَ مِنْ جُلَسَاءِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم رَهْطٌ مِنْ عَضَلٍ وَالْقَارَةِ وَهُمْ إِلَى الْهُونِ بْنِ خُزَيْمَةَ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، §إِنَّ فِينَا إِسْلَامًا فَابْعَثْ مَعَنَا نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِكَ يُفَقِّهُونَا وَيُقْرِئُونَا الْقُرْآنَ وَيُعَلِّمُونَا شَرَائِعَ الْإِسْلَامِ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم مَعَهُمْ عَشَرَةَ رَهْطٍ عَاصِمَ بْنَ ثَابِتِ بْنِ أَبِي الْأَقْلَحِ وَمَرْثَدَ بْنَ أَبِي مَرْثَدٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ طَارِقٍ وَخُبَيْبَ بْنَ عَدِيٍّ وَزَيْدَ بْنَ الدِّثِنَّةِ وَخَالِدَ بْنَ أَبِي الْبُكَيْرِ وَمُعَتِّبَ بْنَ عُبَيْدٍ وَهُوَ أَخُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَارِقٍ لِأُمِّهِ وَهُمَا مِنْ بَلِيٍّ حَلِيفَانِ فِي بَنِي ظَفَرٍ، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَاصِمَ بْنَ ثَابِتٍ، وَقَالَ قَائِلٌ: مَرْثَدَ بْنَ أَبِي مَرْثَدٍ، فَخَرَجُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا عَلَى الرَّجِيعِ وَهُوَ مَاءٌ لِهُذَيْلٍ بِصُدُورِ الْهَدَةِ، وَالْهَدَةُ عَلَى سَبْعَةِ أَمْيَالٍ مِنْهَا، وَالْهَدَةُ عَلَى سَبْعَةِ أَمْيَالٍ مِنْ عُسْفَانَ، فَغَدَرُوا بِالْقَوْمِ وَاسْتَصْرَخُوا عَلَيْهِمْ هُذَيْلًا، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ بَنُو لِحْيَانَ فَلَمْ يُرَعِ الْقَوْمَ إِلَّا الرِّجَالُ بِأَيْدِيهِمُ السُّيُوفُ قَدْ غَشَوْهُمْ، فَأَخَذَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم سُيُوفَهُمْ فَقَالُوا لَهُمْ: إِنَّا وَاللَّهِ مَا نُرِيدُ قِتَالَكُمْ، إِنَّمَا نُرِيدُ أَنْ نُصِيبَ بِكُمْ ثَمَنًا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ وَلَكُمُ الْعَهْدُ وَالْمِيثَاقُ أَلَّا نَقْتُلَكُمْ. فَأَمَّا عَاصِمُ بْنُ ثَابِتٍ وَمَرْثَدُ بْنُ أَبِي مَرْثَدٍ وَخَالِدُ بْنُ أَبِي الْبُكَيْرِ وَمُعَتِّبُ بْنُ عُبَيْدٍ فَقَالُوا: وَاللَّهِ لَا نَقْبَلُ مِنْ مُشْرِكٍ عَهْدًا وَلَا عَقْدًا أَبَدًا، فَقَاتَلُوهُمْ حَتَّى قُتِلُوا، وَأَمَّا زَيْدُ بْنُ الدَّثِنَّةِ وَخُبَيْبُ بْنُ عَدِيٍّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَارِقٍ فَاسْتَأْسَرُوا وَأَعْطَوْا بِأَيْدِيهِمْ، وَأَرَادُوا رَأْسَ عَاصِمٍ لِيَبِيعُوهُ مِنْ سُلَافَةَ -[56]- بِنْتِ سَعْدِ بْنِ شَهِيدٍ وَكَانَتْ نَذَرَتْ لَتَشْرَبَنَّ فِي قِحْفِ عَاصِمٍ الْخَمْرَ وَكَانَ قَتَلَ ابْنَيْهَا مُسَافِعًا وَجُلَاسًا يَوْمَ أُحُدٍ فَحَمَتْهُ الدَّبْرُ فَقَالُوا: أَمْهِلُوهُ حَتَّى تُمْسِيَ، فَإِنَّهَا لَوْ قَدْ أَمْسَتْ ذَهَبَتْ عَنْهُ. فَبَعَثَ اللَّهُ الْوَادِيَ فَاحْتَمَلَهُ، وَخَرَجُوا بِالنَّفَرِ الثَّلَاثَةِ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِمَرِّ الظَّهْرَانِ انْتَزَعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَارِقٍ يَدَهُ مِنَ الْقِرَانِ وَأَخَذَ سَيْفَهُ وَاسْتَأْخَرَ عَنْهُ الْقَوْمُ فَرَمَوْهُ بِالْحِجَارَةِ حَتَّى قَتَلُوهُ، فَقَبْرُهُ بِمَرِّ الظَّهْرَانِ، وَقَدِمُوا بِخُبَيْبٍ وَزَيْدٍ مَكَّةَ. فَأَمَّا زَيْدٌ فَابْتَاعَهُ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ فَقَتَلَهُ بِأَبِيهِ وَابْتَاعَ حُجَيْرُ بْنُ أَبِي إِهَابٍ خُبَيْبَ بْنَ عَدِيٍّ لِابْنِ أُخْتِهِ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَامِرِ بْنِ نَوْفَلٍ لِيَقْتُلَهُ بِأَبِيهِ فَحَبَسُوهُمَا حَتَّى خَرَجَتِ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ ثُمَّ أَخْرَجُوهُمَا إِلَى التَّنْعِيمِ فَقَتَلُوهُمَا وَكَانَا صَلَّيَا رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُقْتَلَا، فَخُبَيبٌ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ رَكْعَتَيْنِ عِنْدَ الْقَتْلِ "

الصفحة 55