كتاب الطبقات الكبرى ط دار صادر (اسم الجزء: 2)

§غَزْوَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم بَنِي النَّضِيرِ ثُمَّ غَزْوَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم بَنِي النَّضِيرِ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ أَرْبَعٍ عَلَى رَأْسِ سَبْعَةٍ وَثَلَاثِينَ شَهْرًا مِنْ مُهَاجَرِهِ وَكَانَتْ مَنَازِلُ بَنِي النَّضِيرِ بِنَاحِيَةِ الْغَرْسِ وَمَا وَالَاهَا مَقْبَرَةَ بَنِي خَطْمَةَ الْيَوْمَ فَكَانُوا حُلَفَاءَ لِبَنِي عَامِرٍ. قَالُوا: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم يَوْمَ السَّبْتِ فَصَلَّى فِي مَسْجِدِ قُبَاءٍ وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ مِنَ الْمُهَاجِرِينِ وَالْأَنْصَارِ ثُمَّ أَتَى بَنِي النَّضِيرِ فَكَلَّمَهُمْ أَنْ يُعِينُوهُ فِي دِيَةِ الْكِلَابِيَّيْنِ اللَّذَيْنِ قَتَلَهُمَا عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيُّ، فَقَالُوا: نَفْعَلُ يَا أَبَا الْقَاسِمِ مَا أَحْبَبْتَ، وَخَلَا بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ وَهَمُّوا بِالْغَدْرِ بِهِ. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ جِحَاشِ بْنِ كَعْبِ بْنِ بَسِيلٍ النَّضْرِيُّ: أَنَا أَظْهَرُ عَلَى الْبَيْتِ فَأَطْرَحُ عَلَيْهِ صَخْرَةً، فَقَالَ سَلَّامُ بْنُ مِشْكَمٍ: لَا تَفْعَلُوا وَاللَّهِ لَيُخْبَرَنَّ بِمَا هَمَمْتُمْ بِهِ وَإِنَّهُ لَنَقْضُ الْعَهْدِ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ وَجَاءَ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم الْخَبَرُ بِمَا هَمُّوا فَنَهَضَ سَرِيعًا كَأَنَّهُ يُرِيدُ حَاجَةً، فَتَوَجَّهَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَلَحِقَهُ أَصْحَابُهُ، فَقَالُوا: أَقُمْتَ وَلَمْ نَشْعُرْ؟ قَالَ: «هَمَّتْ يَهُودُ بِالْغَدْرِ فَأَخْبَرَنِي اللَّهُ بِذَلِكَ فَقُمْتُ» ، وَبَعَثَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ أَنِ اخْرُجُوا مِنْ بَلَدِي فَلَا تُسَاكِنُونِي بِهَا وَقَدْ هَمَمْتُمْ بِمَا هَمَمْتُمْ بِهِ مِنَ الْغَدْرِ وَقَدْ أَجَّلْتُكُمْ عَشْرًا فَمَنْ رُئِيَ بَعْدَ ذَلِكَ ضَرَبْتُ عُنُقَهُ، فَمَكَثُوا عَلَى ذَلِكَ أَيَّامًا يَتَجَهَّزُونَ وَأَرْسَلُوا إِلَى ظَهْرٍ لَهُمْ بِذِي الْجَدْرِ وَتَكَارَوْا مِنْ نَاسٍ مِنْ أَشْجَعَ إِبِلًا، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمُ ابْنُ أُبَيٍّ: لَا تَخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ وَأَقِيمُوا فِي حِصْنَكُمْ فَإِنَّ مَعِيَ أَلْفَيْنِ مِنْ قَوْمِي وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْعَرَبِ يَدْخُلُونَ مَعَكُمْ حِصْنَكُمْ فَيَمُوتُونَ عَنْ آخِرِهِمْ وَتُمِدُّكُمْ قُرَيْظَةُ وَحُلَفَاؤُكُمْ مِنْ غَطَفَانَ. فَطَمِعَ حُيَيٌّ فِيمَا قَالَ ابْنُ أُبَيٍّ فَأَرْسَلَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم: إِنَّا لَا نَخْرُجُ مِنْ دِيَارِنَا فَاصْنَعْ مَا بَدَا لَكَ. فَأَظْهَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم التَّكْبِيرَ وَكَبَّرَ

الصفحة 57