كتاب الطبقات الكبرى ط دار صادر (اسم الجزء: 2)

الْمُسْلِمُونَ لِتَكْبِيرِهِ، وَقَالَ: «حَارَبَتْ يَهُودُ» ، فَصَارَ إِلَيْهِمُ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلم فِي أَصْحَابِهِ فَصَلَّى الْعَصْرَ بِفَضَاءِ بَنِي النَّضِيرِ، وَعَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَحْمِلُ رَايَتَهُ وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَلَمَّا رَأَوْا رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم، قَامُوا عَلَى حُصُونِهِمْ مَعَهُمُ النَّبْلَ وَالْحِجَارَةَ وَاعْتَزَلَتْهُمْ قُرَيْظَةُ فَلَمْ تُعِنْهُمْ، وَخَذَلَهُمُ ابْنُ أُبَيٍّ وَحُلَفَاؤُهُمْ مِنْ غَطَفَانَ فَأَيِسُوا مِنْ نَصْرِهِمْ، فَحَاصَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم وَقَطَعَ نَخْلَهُمْ، فَقَالُوا: نَحْنُ نُخْرِجُ عَنْ بِلَادِكَ، فَقَالَ: «لَا أَقْبَلُهُ الْيَوْمَ، وَلَكِنِ اخْرُجُوا مِنْهَا وَلَكُمْ دِمَاؤُكُمْ وَمَا حَمَلَتِ الْإِبِلُ إِلَّا الْحَلْقَةَ» . فَنَزَلَتْ يَهُودُ عَلَى ذَلِكَ وَكَانَ حَاصَرَهُمْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، فَكَانُوا يُخَرِّبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ أَجْلَاهُمْ عَنِ الْمَدِينَةِ وَوَلَّى إِخْرَاجَهُمْ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ، وَحَمَلُوا النِّسَاءَ وَالصِّبْيَانَ وَتَحَمَّلُوا عَلَى سِتِّمِائَةِ بَعِيرٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم: «هَؤُلَاءِ فِي قَوْمِهِمْ بِمَنْزِلَةِ بَنِي الْمُغِيرَةِ فِي قُرَيْشٍ» ، فَلَحِقُوا بِخَيْبَرَ وَحَزِنَ الْمُنَافِقُونَ عَلَيْهِمْ حُزْنًا شَدِيدًا وَقَبَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم الْأَمْوَالَ وَالْحَلْقَةَ فَوَجَدَ مِنَ الْحَلْقَةِ خَمْسِينَ دِرْعًا وَخَمْسِينَ بَيْضَةً وَثَلَاثَمِائَةِ سَيْفٍ وَأَرْبَعِينَ سَيْفًا. وَكَانَتْ بَنُو النَّضِيرِ صَفِيًّا لِرَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم، خَالِصَةً لَهُ حَبْسًا لِنَوَائِبِهِ وَلَمْ يُخَمِّسْهَا وَلَمْ يُسْهَمْ مِنْهَا لِأَحَدٍ، وَقَدْ أَعْطَى نَاسًا مِنْ أَصْحَابِهِ وَوَسَّعَ فِي النَّاسِ مِنْهَا، فَكَانَ مِمَّنْ أُعْطِيَ مِمَّنْ سُمِّيَ لَنَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ بِئْرَ حُجْرٍ، وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِئْرَ جَرَمٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ سُوَالَةَ، وَصُهَيْبُ بْنُ سِنَانٍ الضَّرَّاطَةَ، وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الْأَسَدِ الْبُوَيْلَةَ، وَسَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ وَأَبُو دُجَانَةَ مَالًا يُقَالُ لَهُ مَالُ ابْنُ خَرَشَةَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ الْمَكِّيُّ، وَهَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ الْكِنَانِيُّ، قَالَا: أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ،: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم §حَرَّقَ نَخْلَ النَّضِيرِ وَهِيَ الْبُوَيْرَةُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {مَا قَطَعْتُمْ مِّنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا} [الحشر: 5] "

الصفحة 58