كتاب الطبقات الكبرى ط دار صادر (اسم الجزء: 2)
وَتِجَارَاتٍ، وَكَانَتْ بَدْرٌ الصَّفْرَاءُ مُجْتَمَعًا يَجْتَمِعُ فِيهِ الْعَرَبُ وَسُوقًا تَقُومُ لِهِلَالِ ذِي الْقَعْدَةِ إِلَى ثَمَانٍ تَخْلُو مِنْهُ ثُمَّ يَتَفَرَّقُ النَّاسُ إِلَى بِلَادِهِمْ، فَانْتَهَوْا إِلَى بَدْرٍ لَيْلَةَ هِلَالِ ذِي الْقَعْدَةِ وَقَامَتِ السُّوقُ صَبِيحَةَ الْهِلَالِ فَأَقَامُوا بِهَا ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ وَبَاعُوا مَا خَرَجُوا بِهِ مِنَ التِّجَارَاتِ فَرَبِحُوا لِلدِّرْهَمِ دِرْهَمًا وَانْصَرَفُوا، وَقَدْ سَمِعَ النَّاسُ بِسَيْرِهِمْ، وَخَرَجَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ مِنْ مَكَّةَ فِي قُرَيْشٍ وَهُمْ أَلْفَانِ وَمَعَهُمْ خَمْسُونَ فَرَسًا حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى مَجَنَّةَ، وَهِيَ مَرُّ الظَّهْرَانِ ثُمَّ قَالَ: ارْجِعُوا فَإِنَّهُ لَا يُصْلِحُنَا إِلَّا عَامٌ خِصْبٌ غَيْدَاقٌ نَرْعَى فِيهِ الشَّجَرَ وَنَشْرَبَ فِيهِ اللَّبَنَ، وَإِنَّ عَامَكُمْ هَذَا عَامُ جَدْبٍ فَإِنِّي رَاجِعٌ فَارْجِعُوا فَسَمَّى أَهْلُ مَكَّةَ ذَلِكَ الْجَيْشَ جَيْشَ السَّوِيقِ، يَقُولُونَ: خَرَجُوا يَشْرَبُونَ السَّوِيقَ. وَقَدِمَ مَعْبَدُ بْنُ أَبِي مَعْبَدٍ الْخُزَاعِيُّ مَكَّةَ بِخَبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم، وَمُوَافَاتِهِ بَدْرًا فِي أَصْحَابِهِ، فَقَالَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ لِأَبِي سُفْيَانَ: قَدْ نَهَيْتُكَ يَوْمَئِذٍ أَنْ تَعِدَ الْقَوْمَ وَقَدِ اجْتَرَءُوا عَلَيْنَا وَرَأَوْا أَنْ قَدْ أَخْلَفْنَاهُمْ ثُمَّ أَخَذُوا فِي الْكَيْدِ وَالنَّفَقَةِ وَالتَّهَيُّؤِ لِغَزْوَةِ الْخَنْدَقِ.
أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ §النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ} [آل عمران: 173] ، قَالَ: هَذَا أَبُو سُفْيَانَ قَالَ يَوْمَ أُحُدٍ: يَا مُحَمَّدُ، مَوْعِدَكُمْ بَدْرٌ حَيْثُ قَتَلْتُمْ أَصْحَابَنَا، فَقَالَ مُحَمَّدٌ صلّى الله عليه وسلم: «عَسَى» ، فَانْطَلَقَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلم لِمَوْعِدِهِ حَتَّى نَزَلُوا بَدْرًا فَوَافَقُوا السُّوقَ، فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ} [آل عمران: 174] . وَالْفَضْلُ مَا أَصَابُوا مِنَ التِّجَارَةِ، وَهِيَ غَزْوَةُ بَدْرٍ الصُّغْرَى "
الصفحة 60
400