كتاب الطبقات الكبرى ط دار صادر (اسم الجزء: 2)

§غَزْوَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم دُومَةَ الْجَنْدَلِ ثُمَّ غَزْوَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم دُومَةَ الْجَنْدَلِ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ عَلَى رَأْسِ تِسْعَةٍ وَأَرْبَعِينَ شَهْرًا مِنْ مُهَاجَرِهِ، قَالُوا: بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم أَنَّ بِدُومَةَ الْجَنْدَلِ جَمْعًا كَثِيرًا وَأَنَّهُمْ يَظْلِمُونَ مَنْ مَرِّ بِهِمْ مِنَ الضَّافِطَةِ وَأَنَّهُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يَدْنُوا مِنَ الْمَدِينَةِ، وَهِيَ طَرَفٌ مِنْ أَفْوَاهِ الشَّأْمِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ دِمَشْقَ خَمْسَ لَيَالٍ، وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ أَوْ سِتَّ عَشْرَةَ لَيْلَةً، فَنَدَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم النَّاسَ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ سِبَاعَ بْنَ عُرْفُطَةَ الْغِفَارِيَّ وَخَرَجَ لِخَمْسِ لَيَالٍ بَقِينَ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ فِي أَلْفٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَكَانَ يَسِيرُ اللَّيْلَ وَيَكْمُنُ النَّهَارَ، وَمَعَهُ دَلِيلٌ لَهُ مِنْ بَنِي عُذْرَةَ يُقَالَ لَهُ مَذْكُورٌ، فَلَمَّا دَنَا مِنْهُمْ إِذَا هُمْ مُغَرِّبُونَ، وَإِذَا آثَارُ النَّعَمِ وَالشَّاءِ فَهَجَمَ عَلَى مَاشِيَتِهِمْ وَرُعَاتِهِمْ فَأَصَابَ مَنْ أَصَابَ وَهَرَبَ مَنْ هَرَبَ فِي كُلِّ وَجْهٍ، وَجَاءَ الْخَبَرُ أَهْلَ دُومَةَ فَتَفَرَّقُوا وَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم بِسَاحَتِهِمْ فَلَمْ يَجِدْ بِهَا أَحَدًا فَأَقَامَ بِهَا أَيَّامًا وَبَثَّ السَّرَايَا وَفَرَّقَهَا فَرَجَعَتْ وَلَمْ تَصُبْ مِنْهُمْ أَحَدًا، وَأَخَذَ مِنْهُمْ رَجُلًا فَسَأَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم عَنْهُمْ فَقَالَ: هَرَبُوا حَيْثُ سَمِعُوا أَنَّكَ أَخَذْتَ نَعَمَهُمْ، فَعَرَضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامَ فَأَسْلَمَ وَرَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَةِ، وَلَمْ يَلْقَ

الصفحة 62