كتاب الطبقات الكبرى ط دار صادر (اسم الجزء: 2)

خَوْفًا شَدِيدًا وَتَفَرَّقَ عَنْهُمْ مَنْ كَانَ مَعَهُمْ مِنَ الْعَرَبِ، وَانْتَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم إِلَى الْمُرَيْسِيعِ وَهُوَ الْمَاءُ فَاضْطَرَبَ عَلَيْهِ قُبَّتَهُ وَمَعَهُ عَائِشَةُ وَأُمُّ سَلَمَةَ، فَتَهَيَّئُوا لِلْقِتَالِ وَصَفَّ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم أَصْحَابَهُ وَدَفَعَ رَايَةَ الْمُهَاجِرِينَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَرَايَةَ الْأَنْصَارِ إِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فَرَمَوْا بِالنَّبْلِ سَاعَةً ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم، أَصْحَابَهُ فَحَمَلُوا حَمَلَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ، فَمَا أَفْلَتَ مِنْهُمْ إِنْسَانٌ وَقُتِلَ عَشَرَةٌ مِنْهُمْ وَأُسِرَ سَائِرُهُمْ وَسَبَى رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم، الرِّجَالَ وَالنِّسَاءَ وَالذُّرِّيَّةَ وَالنِّعَمَ وَالشَّاءَ وَلَمْ يُقْتَلْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا رَجُلٌ وَاحِدٌ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُحَدِّثُ أَنَّ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلم أَغَارَ عَلَيْهِمْ وَهُمْ غَارُّونَ وَنَعَمُهُمْ تُسْقَى عَلَى الْمَاءِ فَقَتَلَ مُقَاتِلَتَهُمْ وَسَبَى ذَرَارِيَّهُمْ، وَالْأَوَّلُ أَثْبَتُ وَأَمَرَ بِالْأُسَارَى فَكُتِّفُوا وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ بُرَيْدَةَ بْنَ الْحُصَيْبِ وَأَمَرَ بِالْغَنَائِمِ فَجُمِعَتْ وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا شُقْرَانَ مَوْلَاهُ، وَجَمَعَ الذُّرِّيَّةَ نَاحِيَةً وَاسْتَعْمَلَ عَلَى مَقْسَمِ الْخُمُسِ وَسُهْمَانِ الْمُسْلِمِينَ مَحْمِيَّةَ بْنَ جَزْءٍ وَاقْتُسِمَ السَّبْيُ وَفُرِّقَ وَصَارَ فِي أَيْدِي الرِّجَالِ وَقُسِّمَ النَّعَمُ وَالشَّاءُ فَعُدِلَتِ الْجَزُورُ بِعَشْرٍ مِنَ الْغَنَمِ وَبِيعَتِ الرِّثَّةُ فِي مَنْ يَزِيدُ، وَأُسْهِمَ لِلْفَرَسِ سَهْمَانِ وَلِصَاحِبِهِ سَهْمٌ وَلِلرَّاجِلِ سَهْمٌ، وَكَانَتِ الْإِبِلُ أَلْفَيْ بَعِيرٍ وَالشَّاءُ خَمْسَةُ آلَافِ شَاةٍ، وَكَانَ السَّبْي مِائَتَيْ أَهْلِ بَيْتٍ وَصَارَتْ جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي ضِرَارٍ فِي سَهْمِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ وَابْنِ عَمٍّ لَهُ فَكَاتَبَاهَا عَلَى تِسْعِ أَوَاقِي ذَهَبٍ فَسَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم فِي كِتَابَتِهَا وَأَدَّاهَا عَنْهَا وَتَزَوَّجَهَا، وَكَانَتْ جَارِيَةٌ حُلْوَةً، وَيُقَالُ جَعَلَ صَدَاقَهَا عِتْقَ كُلِّ أَسِيرٍ مِنْ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، وَيُقَالُ: جَعَلَ صَدَاقَهَا عَتَقَ أَرْبَعِينَ مِنْ قَوْمِهَا وَكَانَ السَّبْي مِنْهُمْ مَنْ مَنَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم بِغَيْرِ فِدَاءٍ، وَمِنْهُمْ مَنِ افْتُدِيَ فَافْتُدِيَتِ الْمَرْأَةُ وَالذُّرِّيَّةُ بِسِتِّ فَرَائِضَ، وَقَدِمُوا الْمَدِينَةَ بِبَعْضِ السَّبْيِ فَقَدِمَ عَلَيْهِمْ أَهْلُوهُمْ فَافْتَدَوْهُمْ فَلَمْ تُبْقَ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي الْمُصْطَلِقِ إِلَّا رَجَعَتْ إِلَى قَوْمِهَا وَهُوَ الثَّبْتُ عِنْدَنَا. وَتَنَازَعَ سِنَانُ بْنُ وَبْرٍ الْجُهَنِيُّ حَلِيفُ بَنِي سَالِمٍ مِنَ

الصفحة 64