كتاب الطبقات الكبرى ط دار صادر (اسم الجزء: 2)
صلّى الله عليه وسلم وَلَيْسَ بِحَضْرَتِهِ أَحَدٌ مِنَ الْعَسَاكِرِ قَدِ انْقَشَعُوا إِلَى بِلَادِهِمْ فَأَذِنَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلم، لِلْمُسْلِمِينَ فِي الِانْصِرَافِ إِلَى مَنَازِلِهِمْ فَخَرَجُوا مُبَادِرِينَ مَسْرُورِينَ بِذَلِكَ وَكَانَ فِيمَنْ قُتِلَ أَيْضًا فِي أَيَّامِ الْخَنْدَقِ أَنَسُ بْنُ أَوْسِ بْنِ عَتِيكٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ قَتَلَهُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ الْأَشْهَلِيُّ وَثَعْلَبَةُ بْنُ عَنَمَةَ بْنِ عَدِيِّ بْنِ نَابِيءٍ قَتَلَهُ هُبَيْرَةُ بْنُ أَبِي وَهْبٍ، وَكَعْبُ بْنُ زَيْدٍ مِنْ بَنِي دِينَارٍ قَتَلَهُ ضِرَارُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَقُتِلَ أَيْضًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ عُثْمَانُ بْنُ مُنَبِّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ، وَحَاصَرَهُمُ الْمُشْرِكُونَ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً وَانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ لِسَبْعِ لَيَالٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةَ سَنَةَ خَمْسٍ
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: خَرَجَ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ يَحْفِرُونَ الْخَنْدَقَ فِي غَدَاةٍ بَارِدَةٍ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم يَقُولُ: «§اللَّهُمَّ إِنَّ الْخَيْرَ خَيْرُ الْآخِرَهْ، فَاغْفِرْ لِلْأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَهْ» ، فَأَجَابُوهُ:
[البحر الرجز]
نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدَا ... عَلَى الْجِهَادِ مَا بَقِينَا أَبَدَا
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ، صلّى الله عليه وسلم، كَانُوا يَقُولُونَ وَهُمْ يَحْفِرُونَ الْخَنْدَقَ:
[البحر الرجز]
نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدَا ... عَلَى الْجِهَادِ مَا بَقِينَا أَبَدَا
وَالنَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلم يَقُولُ:
«§اللَّهُمَّ إِنَّ الْخَيْرَ خَيْرُ الْآخِرَهْ ... فَاغْفِرْ لِلْأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَهْ» . وَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم بِخُبْزِ شَعِيرٍ عَلَيْهِ إِهَالَةٌ سَنِخَةٌ فَأَكَلُوا مِنْهَا، وَقَالَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلم:
«إِنَّمَا الْخَيْرُ خَيْرُ الْآخِرَةِ»
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: جَاءَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم وَنَحْنُ نَحْفِرُ الْخَنْدَقَ وَنَنْقُلُ التُّرَابَ عَلَى أَكْتَافِنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم: «§لَا عَيْشَ إِلَّا عَيْشَ الْآخِرَهْ، فَاغْفِرْ لِلْأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَهْ»
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيُّ -[71]-، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم يَوْمَ الْأَحْزَابِ يَنْقُلُ مَعَنَا التُّرَابَ وَقَدْ وَارَى التُّرَابُ بَيَاضَ بَطْنِهِ وَيَقُولُ: «§الَّلهُمَّ لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا، وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا، فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا، وَثَبِّتِ الْأَقْدَامَ إِنْ لَاقَيْنَا، إِنَّ الْأُولَى لَقَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا، إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا» ، أَبَيْنَا، يَرْفَعُ بِهَا صَوْتَهُ صلّى الله عليه وسلم "
الصفحة 70
400