كتاب الطبقات الكبرى ط دار صادر (اسم الجزء: 2)

صلّى الله عليه وسلم، فَأَمَرَ بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ فَكُتِّفُوا وَنُحُّوا نَاحِيَةً، وَأُخْرِجَ النِّسَاءُ وَالذُّرِّيَّةُ فَكَانُوا نَاحِيَةً، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَّامٍ، وَجَمَعَ أَمْتِعَتَهُمْ وَمَا وُجِدَ فِي حُصُونِهِمْ مِنَ الْحَلْقَةِ وَالْأَثَاثِ وَالثِّيَابِ، فَوُجِدَ فِيهَا أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةِ سَيْفٍ، وَثَلَاثُمِائَةِ دِرْعٍ، وَأَلْفَا رُمْحٍ، وَأَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةِ تُرْسٍ، وَحَجَفَةٌ وَخَمْرٌ وَجِرَارُ سَكَرٍ، فَأُهْرِيقَ ذَلِكَ كُلُّهُ وَلَمْ يُخَمَّسْ، وَوَجَدُوا جِمَالًا نَوَاضِحَ وَمَاشِيَةً كَثِيرَةً. وَكَلَّمَتِ الْأَوْسُ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم أَنْ يَهَبَهُمْ لَهُمْ، وَكَانُوا حُلَفَاءَهُمْ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم الْحُكْمَ فِيهِمْ إِلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، فَحَكَمَ فِيهِمْ أَنْ يُقْتَلَ كُلُّ مَنْ جَرَتْ عَلَيْهِ الْمَوَاسِي، وَتُسْبَى النِّسَاءُ وَالذُّرِّيَّةُ، وَتُقْسَمُ الْأَمْوَالُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم: «لَقَدْ حَكَمْتَ بِحُكْمِ اللَّهِ مِنْ فَوْقِ سَبْعَةِ أَرْقِعَةٍ» ، وَانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم يَوْمَ الْخَمِيسِ لِسَبْعِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ ثُمَّ أَمَرَ بِهِمْ فَأُدْخِلُوا الْمَدِينَةَ وَحَفَرَ لَهُمْ أُخْدُودًا فِي السُّوقِ وَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم، وَمَعَهُ أَصْحَابُهُ وَأُخْرِجُوا إِلَيْهِ رِسْلًا رِسْلًا فَضُرِبَتْ أَعْنَاقُهُمْ فَكَانُوا مَا بَيْنَ سِتِّمِائَةٍ إِلَى سَبْعِمِائَةٍ. وَاصْطَفَى رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم رَيْحَانَةَ بِنْتَ عَمْرٍو لِنَفْسِهِ وَأَمَرَ بِالْغَنَائِمِ فَجُمِعَتْ فَأَخْرَجَ الْخُمُسَ مِنَ الْمَتَاعِ وَالسَّبْيِ، ثُمَّ أَمَرَ بِالْبَاقِي فَبِيعَ فِي مَنْ يَزِيدُ وَقَسَّمَهُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فَكَانَتِ السُّهْمَانُ عَلَى ثَلَاثَةِ آلَافٍ وَاثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ سَهْمًا لِلْفَرَسِ سَهْمَانِ وَلِصَاحِبِهِ سَهْمٌ وَصَارَ الْخُمُسُ إِلَى مَحْمِيَّةَ بْنَ جَزْءٍ الزُّبَيْدِيَّ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم يُعْتِقُ مِنْهُ، وَيَهَبُ مِنْهُ، وَيُخْدِمُ مِنْهُ مَنْ أَرَادَ، وَكَذَلِكَ صَنَعَ بِمَا صَارَ إِلَيْهِ مِنَ الرِّثَّةِ.
أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ أَخْبَرَنَا يَزِيدُ يَعْنِي ابْنَ الْأَصَمِّ، قَالَ: " لَمَّا كَشَفَ اللَّهُ الْأَحْزَابَ وَرَجَعَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلم إِلَى بَيْتِهِ فَأَخَذَ يَغْسِلُ رَأْسَهُ أَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ: «§عَفَا اللَّهُ عَنْكَ، وَضَعَتَ السِّلَاحَ وَلَمْ تَضَعْهُ مَلَائِكَةُ اللَّهِ، ائْتِنَا عِنْدَ حِصْنِ بَنِي قُرَيْظَةَ؛ فَنَادَى -[76]- رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم فِي النَّاسِ أَنِ ائْتُوا حِصْنَ بَنِي قُرَيْظَةَ ثُمَّ اغْتَسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم فَأَتَاهُمْ عِنْدَ الْحِصْنِ»

الصفحة 75