كتاب الطبقات الكبرى ط دار صادر (اسم الجزء: 2)

أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ، أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، قَالَ: كَانَ بَيْنَ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلم وَبَيْنَ قُرَيْظَةَ وَلْثٌ مِنْ عَهْدٍ، فَلَمَّا جَاءَتِ الْأَحْزَابُ بِمَا جَاؤُوا بِهِ مِنَ الْجُنُودِ نَقَضُوا الْعَهْدَ وَظَاهَرُوا الْمُشْرِكِينَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم، بَعَثَ اللَّهُ الْجُنُودَ وَالرِّيحَ فَانْطَلَقُوا هَارِبِينَ وَبَقِيَ الْآخَرُونَ فِي حِصْنِهِمْ قَالَ: فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ السِّلَاحَ فَجَاءَ جِبْرِيلُ صلّى الله عليه وسلم، إِلَى النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلم فَخَرَجَ إِلَيْهِ فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم وَهُوَ مُتَسَانِدٌ إِلَى لَبَانِ الْفَرَسِ قَالَ: §يَقُولُ جِبْرِيلُ مَا وَضَعْنَا السِّلَاحَ بَعْدُ وَإِنَّ الْغُبَارَ لَعَاصِبٌ عَلَى حَاجِبِهِ، انْهَدْ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم: " إِنَّ فِي أَصْحَابِي جَهْدًا فَلَوْ أَنْظَرْتَهُمْ أَيَّامًا قَالَ: يَقُولُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: انْهَدْ إِلَيْهِمْ، لَأُدْخِلَنَّ فَرَسِي هَذَا عَلَيْهِمْ فِي حُصُونِهِمْ ثُمَّ لَأُضَعْضِعَنَّهَا قَالَ: فَأَدْبَرَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ حَتَّى سَطَعَ الْغُبَارُ فِي زُقَاقِ بَنِي غَنْمٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم، فَاسْتَقْبَلَهُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اجْلِسْ فَلْنُكْفِكَ قَالَ: «وَمَا ذَاكَ» قَالَ: سَمِعْتُهُمْ يَنَالُونَ مِنْكَ قَالَ: «قَدْ أُوذِيَ مُوسَى بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا» . قَالَ: وَانْتَهَى إِلَيْهِمْ فَقَالَ: «يَا إِخْوَةَ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ إِيَّايَ إِيَّايَ» قَالَ: فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: هَذَا أَبُو الْقَاسِمِ مَا عَهِدْنَاهُ فَحَّاشًا. قَالَ: وَقَدْ كَانَ رُمِيَ أَكْحَلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فَرَقَأَ الْجَرْحُ وَأَجْلَبَ وَدَعَا اللَّهَ أَنْ لَا يُمِيتَهُ حَتَّى يَشْفِيَ صَدْرَهُ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ. قَالَ: فَأَخَذَهُمْ مِنَ الْغَمِّ فِي حِصْنِهِمْ مَا أَخَذَهُمْ فَنَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ مِنْ بَيْنِ الْخَلْقِ. قَالَ: فَحَكَمَ فِيهِمْ أَنْ تُقْتَلَ مُقَاتِلَتُهُمْ وَتُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ. قَالَ حُمَيْدٌ: قَالَ بَعْضُهُمْ: وَتَكُونُ الدِّيَارُ لِلْمُهَاجِرِينَ دُونَ الْأَنْصَارِ. قَالَ: فَقَالَتِ الْأَنْصَارُ: إِخْوَتُنَا كُنَّا مَعَهُمْ؛ فَقَالَ: إِنِّي أَحْبَبْتُ أَنْ يَسْتَغْنُوا

الصفحة 77